للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما كان كذا، على معنى الحلف، حتَّى لا يصير ذلك لهم عادة فيحلفون في كلِّ ما يصلح وما لا يصلح، والله أعلم.

(١٠) (بابُ مَا قِيلَ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ) أي: من التَّغليظ والوعيد (لِقَوْلِ اللهِ) أي: لأجل قول الله، ولأبي ذرٍّ: «لقوله» ﷿: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان: ٧٢]) أي: لا يقيمون الشَّهادة الباطلة، أو لا يَحضرون محاضر الكذب والفسق والكفر، أو اللَّهو والغناء. وقال ابن حَجَر: أشار -أي: المؤلِّف- إلى أنَّ الآية سيقت في ذمِّ متعاطي شهادة الزُّور، وهو اختيار منه لأحد ما قيل في تفسيرها، وتعقَّبه العَينيُّ فقال: ما سِيقت الآية إلَّا في مدح تاركي شهادة الزُّور، وقوله: «وهو اختيار منه لأحد ما قيل في تفسيرها» لم يقل به أحد من المفسِّرين، وحينئذ فإيراد المؤلِّف للآية في معرض التَّعليل لِمَا قيل في شهادة الزُّور من الوعيد لا وجهَ له؛ لأنَّها ما سيقت إلَّا في مدح الَّذين لا يشهدون الزُّور. انتهى. وما قاله ابن حَجَر أقعد، ليكون ما قاله المؤلِّف مطابقًا لما استدلَّ له، ولعلَّه كالمؤلِّف وقف على ذلك من قول بعض المفسِّرين، وجزم العَينيُّ بأنَّه لم يقل به أحد من المفسِّرين، ودعواه الحصرَ فيه نَظَرٌ لا يخفى، ونقل في «الفتح» عن الطَّبريِّ: أنَّه قال: وأَولى الأقوال عندنا أنَّ المراد به مدح مَن لا يشهد شيئًا من الباطل (وَ) ما قيل في (كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ) بكسر الكاف (لِقَوْلِهِ) تعالى: (﴿وَلَا تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ﴾) أيُّها الشُّهود إذا دُعِيتم لتأديتها عند الحاكم (﴿وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾) أي: يأثم قلبه، وإسناد الإثم إلى القلب؛ لأنَّ الكتمان يتعلَّق به؛ لأنَّه مضمَر فيه (﴿وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾) من كتمان الشَّهادة وإقامتها (﴿عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]) فيُجازى على كتمان الشَّهادة وأدائها، وسقط لغير أبي ذرٍّ «لقوله» الثَّابتة (١) قبل قوله: «﴿وَلَا تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ﴾» وقوله تعالى في سورة النساء: ﴿وَإِن﴾ (﴿تَلْوُواْ﴾ [النساء: ١٣٥]) يعني: (أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ) كذا فسَّره ابن عبَّاس فيما رُوِي عنه من طريق عليِّ بن أبي (٢) طلحةَ كما عند الطَّبريِّ، ورُوِي عنه من


(١) في (م): «الثانية».
(٢) «أبي»: سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>