للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجماعات، واختار آخرون: العزلة للسَّلامة المُحقَّقة، وليعمل بما علم، ويأنس بدوام ذكره، فبالصُّحبة والعزلة كمالُ المرء. نعم؛ تجب العُزلةُ لفقيهٍ لا يَسْلَم دينه بالصُّحبة، وتجب الصُّحبة لمن عرف الحقَّ فاتَّبعه، والباطلَ فاجْتَنَبَه، وتجب على من جهل ذلك لِيَعْلَمَه، فافهم.

ورجال إسناد هذا الحديث كلُّهم مدنيُّون، وفيه صحابيٌّ ابن صحابيٍّ (١)، وهو من أفراد البخاريِّ عن مسلمٍ، وقد رواه المؤلِّف أيضًا في «الفتن» [خ¦٧٠٨٨] و «الرقاق» [خ¦٦٤٩٥] و «علامات النُّبوَّة» [خ¦٣٦٠٠]، وأخرجه أبو داودَ والنَّسائيُّ.

ولمَّا كان الفرار من الفتن لا يكون إلَّا على قدر قوَّة دين الرَّجل، وهي تدلُّ على قوَّة المعرفة شَرَعَ يذكر ذلك، فقال:

(١٣) (بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ) بالإضافة، وسقط لفظ «باب» عند الأَصيليِّ، ومقول قوله : (أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ) لأنَّه كلَّما كان الرَّجل أقوى في دينه كَانَ أقوى في معرفة ربِّه، وذلك يدلُّ ظاهرًا على قبول الإيمان الزِّيادةَ والنُّقصان، وللأَصيلِّي في غير الفرع وأصله: «أَعْرَفَكم» بدل «أَعْلَمَكم»، والفرق بينهما: أنَّ المعرفةَ هي إدراكُ الجزئيِّ، والعلمَ: إدراكُ الكليِّ (وَ) باب بيان (أَنَّ المَعْرِفَةَ) بفتح الهمزة (فِعْلُ القَلْبِ) فالإيمان بالقول وحده لا يتمُّ إلَّا بانضمام الاعتقاد إليه؛ خلافًا للكرَّاميَّة، والاعتقاد فعل القلب (لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى) ولأبوي الوقت وذَرٍّ «لقوله ﷿»: (﴿وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥]) أي: عزمتْ عليه،


(١) قولهم: «صحابيٌّ عن صحابيٍّ» فيه نظر، قال في جامع الأصول: «عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة من ثقات تابعي الحجاز، سمع أبا سعيد». انتهى. فليس بصحابي، نعم في السند صحابي ابن صحابي وهو أبو سعيد الخدري، فإن أباه كان صحابياً، استشهد يوم أحد، قال العيني: فيه صحابي ابن صحابي.

<<  <  ج: ص:  >  >>