هذا اللَّفظ على لسانهِ غير معتقدٍ لذلك فليس بكافرٍ، لكن يُكره له ذلك لتشبُّهه بأهلِ الكُفْر في الإطلاق. وقال القاضِي عياضٌ: زعمَ بعضُ من لا تحقيقَ عنده أنَّ الدَّهر من أسماءِ الله، وهو غلطٌ فإنَّ الدَّهر مدَّة زمان الدُّنيا.
(١٠٢)(باب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ) وفي حديث الباب عن أبي هريرة [خ¦٦١٨٣]: (إِنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ) يقال: رجلٌ كرَْم، وامرأةٌ كرَْم، ورجلان كرَْم، ونسوةٌ كرَْم، كله بفتح الراء وإسكانها، بمعنى: كريمٍ، وصف (١) بالمصدرِ كعدْلٍ وضيْف، وليس الحصرُ في قولهِ:«إنَّما الكرم» على ظاهره، وإنَّما المعنى أنَّ الأحقَّ باسم الكرم قلبُ المؤمن، ولم يرد أنَّ غيره لا يسمَّى كرمًا (وَقَدْ قَالَ) النَّبيُّ ﷺ: (إِنَّمَا المُفْلِسُ الَّذِي يُفْلِسُ يَوْمَ القِيَامَةِ) رواه التِّرمذيُّ لكن بلفظ «أتدرونَ من المفلس؟» قالوا: المفلسُ فينا يا رسولَ الله من لا درهمَ له ولا متاعَ. قال رسول الله ﷺ:«المفلسُ من أمَّتي مَن يأتي يوم القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتمَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضربَ هذا، فيقتصُّ هذا من حسناتهِ وهذا من حسناتهِ، فإن فنيتْ حسناتُه أُخذ من خَطاياهم فطُرحَ عليه، ثمَّ طُرح في النَّار» وليس المراد أنَّ من يفلس في الدُّنيا لا يسمَّى مفلسًا، وذلك (كَقولهِ)ﷺ في حديث أبي هريرة السَّابق [خ¦٦١١٤](إِنَّمَا الصُّرَعَةُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ) و (كَقولهِ: لَا مُلْكَ) بضم الميم وسكون اللام (إِلَّا للَّهِ) و «لا» صريحٌ في النَّفي، و «إلَّا» في الإثبات فيقتضي الحصر، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ:«لا مَلِكَ إلَّا الله تعالى» بفتح الميم وكسر اللَّام (فَوَصَفَهُ بِانْتِهَاءِ المُلْكِ) بضم الميم، وهو عبارةٌ عن انقطاع الملك عنده، أي: لا ملك بعده، فالملك الحقيقيُّ لله تعالى، وقد يطلقُ على غيره مجازًا، كما قال:(ثُمَّ ذَكَرَ المُلُوكَ أَيْضًا، فَقَالَ: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا﴾ [النمل: ٣٤]) وهو جمع مَلِك.