للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المالكيَّة والحنابلة أيضًا بالمنع لحديث: «إذا قلت لصاحبك: أنصت … »، وأجابوا عن حديث أنسٍ السَّابق وما في معناه بأنَّه غير محلِّ النِّزاع لأنَّ محلَّ النِّزاع الإنصاتُ والإمام يخطب، وأمَّا سؤال الإمام وجوابه فهو قاطعٌ لكلامه، فيخرج عن ذلك، وقد بنى بعضهم القولين على الخلاف (١) في أنَّ الخطبتين بدلٌ عن الرَّكعتين، وبه صرَّح الحنابلة، وعَزَوْه لنصِّ إمامهم، أو هي صلاةٌ على حيالها لقول عمر : «الجمعة ركعتان، تمامٌ غير قصرٍ، على لسان نبيِّكم ، وقد خاب من افترى» رواه الإمام أحمد وغيره، وهو حديثٌ حسنٌ، كما قاله في «المجموع»، فعلى الأوَّل يحرم لا على الثَّاني، ومن ثمَّ أطلق من أطلق منهم إباحة الكلام ولو كان به صممٌ، أو بعدٌ عن الإمام بحيث لا يسمع، قال المالكيَّة: يحرم عليه أيضًا لعموم وجوب الإنصات، ولِما رُوِي عن عثمان : «من كان قريبًا استمع وأنصت، ومن كان بعيدًا أنصت»، وقال الحنفيَّة: الأحوط السُّكوت، وأمَّا الكلام قبل الخطبة وبعدها، وفي (٢) جلوسه بينهما، وللدَّاخل في أثنائها ما لم يجلس فعند الشَّافعيَّة والحنابلة وأبي يوسف: يجوز من غير كراهةٍ، وقال المالكيَّة: يحرم في جلوسه بينهما، لا في جلوسه قبل الشُّروع فيها. ولو سلَّم داخلٌ على مستمع الخطبة وجب الرَّدُّ عليه؛ بناءً (٣) على أنَّ الإنصات سُنَّةٌ كما سبق، وصرَّح في «المجموع» وغيره مع ذلك بكراهة السَّلام، ونقلها عن النَّصِّ وغيره، لكن إذا قلنا: لا يُشرَع السَّلام، فكيف يجب الرَّدُّ؟ وفي «المُدوَّنة»: لا يسلِّم الدَّاخل، وإن سَلَّم فلا يردُّ عليه؛ لأنَّه سكوتٌ واجبٌ، فلا يُقطَع بسلامٍ ولا ردِّه كالسُّكوت في الصَّلاة، وكذا قاله (٤) الحنفيَّة.

(٣٢) هذا (بَابٌ) بالتَّنوين: (إِذَا رَأَى الإِمَامُ رَجُلًا جَاءَ) في محلِّ نصبٍ صفةً لـ «رجلًا» (وَهْوَ يَخْطُبُ) جملةٌ اسميَّةٌ حاليَّةٌ، وجواب «إذا» (أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّي) أي: بأن يصلِّي، و «أنْ» مصدريَّةٌ، أي: أمره بصلاة (رَكْعَتَيْنِ).


(١) في (ص): «الخلاف على قولين».
(٢) «في»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٣) في (ص): «مبنيٌّ».
(٤) في غير (ص) و (م): «قال».

<<  <  ج: ص:  >  >>