وقيل: المراد جميعُ ما تستحقُّه المرأةُ بمقتضى الزَّوجيَّةِ من المهرِ والنَّفقةِ وحسنِ العشرةِ، فإن الزَّوجَ التزمها بالعقدِ، فكأنَّها شرطَت فيه، ثمَّ إنَّ الشَّرطَ إن لم يتعلَّق به غرضٌ، كشرطِ أن لا تأكلَ إلَّا كذا، أو تعلَّق به غرضٌ (١) لكنَّه يوافقُ مقتضى النِّكاحِ، كشرطِ أن ينفقَ عليها أو يقسم لها لم يؤثِّر في النِّكاحِ ولا في الصَّداقِ وإن لم يوافق مقتضى النِّكاح، فإن لم يخل بمقصودِ العقدِ كشرطِ أن لا ينفقَ أو لا يتزوَّجَ عليها، أو لا يسافر بها، أو لا يقسم لها، أو أن يسكنها مع ضرَّتها صحَّ النِّكاحُ لعدم الإخلالِ بمقصودهِ، ولأنَّه لا يتأثَّرُ بفسادِ العوضِ، فبفسادِ الشَّرط أولى، لكن لها مهر المثلِ لا المسمَّى لفسادِ الشَّرط؛ لأنَّه إن كان لها فلم ترضَ بالمسمَّى وحدهُ وإن كان عليها فلم يرضَ الزَّوج ببذلِ المسمَّى إلَّا عند سلامة ما شرطهُ، فإذا فسدَ الشَّرط وليس له قيمة يرجعُ إليها وجبَ الرُّجوعُ إلى مهرِ المثلِ، وإن أخلَّ به كشرطِ أن يطلِّقها ولو بعدَ الوطءِ، أو أنَّ له الخيار في النِّكاحِ. قال الحنَّاطيُّ: ولو شرطَ أنَّها لا ترثهُ، أو أنَّه لا يرثُها، أو أنَّهما لا يتوارثانِ، أو على أنَّ النَّفقةَ على غيرِ الزَّوج بطل للإخلال المذكورِ، وفي قول: يصحُّ ويبطل الشَّرط. قال البلقينيُّ وغيره: وهذا هو الأصحُّ، ووجهه أنَّ الشَّرط المذكور لا يخلُّ بمقصودِ العقد. ولو شرط الزَّوج أن لا يَطأها فلا يبطلُ. وقال أحمد: يجبُ الوفاءُ بالشَّرطِ مطلقًا.
وأمَّا الشَّرط الَّذي يشترطهُ الوليُّ لنفسه فقال الشَّافعيُّ: إن وقعَ في نفسِ العقدِ وجب للمرأةِ مهرُ مثلها، وإن وقعَ خارجًا عنه لم يجبْ. وقال مالكٌ: إن وقعَ في حالِ العقدِ فهو من جملةِ المهرِ، أو خارجًا عنه فهو لمن وهبَ له. وفي حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «أيُّما امرأةٍ نكحَتْ على صداقٍ، أو حباءٍ، أو عِدَةٍ قبل عصمةِ النِّكاحِ فهو لها، فما كانَ بعد عصمةِ النِّكاحِ فهو لمن أُعْطيه … » الحديثَ.
(٥٣)(بابُ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَحِلُّ فِي النِّكَاحِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ) عبد الله: (لَا تَشْتَرِطِ المَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا). قال في «الفتح»: هذا اللَّفظ وقع في بعضِ طرق الحديثِ المرفوعِ عن أبي هريرة.
(١) قوله: «كشرط أن لا تأكل إلا كذا، أو تعلق به غرض» ليس في (د).