للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سببًا للعمل بما لم يقله الشَّارع، فمن خشيَ من الإكثار الوقوع في الخطأ لا يُؤمَن عليه الإثمُ إذا تعمَّد الإكثار، فمن ثمَّ توقَّف الزُّبير وغيره من الصَّحابة عن الإكثار من التَّحديث، وأمَّا من أكثر منهم فمحمولٌ على أنَّهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتَّثبُّت، أو طالت أعمارهم فاحتِيج إلى ما عندهم، فسُئلوا فلم يُمْكِنْهُمُ الكتمانُ، قاله الحافظ ابن حجرٍ.

١٠٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) بفتح الميمين وسكون العَيْن المُهْمَلة، عبد الله بن عمرو المنقريُّ البصريُّ المعروف بالمُقعَد (قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ التَّميميُّ (١) البصريُّ (عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ) بن صهيبٍ الأعمى البصريِّ، أنَّه (٢) قال: (قَالَ أَنَسٌ) أي: ابن مالكٍ ، وفي رواية أبوي ذَرٍّ والوقت بإسقاط: «قال» الأولى: (إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ) بكسر همزة «إنَّ» الأولى مع التَّشديد وفتح الثَّانية مع التَّخفيف، أي: ليمنعني تحديثكم (حَدِيثًا كَثِيرًا) بالنَّصب فيهما، والمُرَاد: جنس (٣) الحديث، ومن ثمَّ وصفه بالكثرة (أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا) عامٌّ في جميع أنواع الكذب لأنَّ النَّكرة في سياق الشَّرط كالنَّكرة في سياق النَّفيِ في إفادة العموم، والمُختَار أنَّ الكذب عدمُ مُطابقةِ الخبر للواقع، ولا يُشتَرَط في كونه كذبًا تعمُّدُه، والحديث يشهد له لدلالته على انقسام الكذب إلى مُتعمَّدٍ وغيره (فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) فأفاد


(١) في كل الأصول: «التيميُّ»، والتصويب من مصادر الترجمة.
(٢) «أنه»: سقط من (د).
(٣) في (ص): «حسن»، وهو تصحيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>