للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(٢٣) (بابُ الظِّهَارِ) بكسر المعجمة. قال الشَّيخ كمال الدِّين: هو لغة: مصدر ظاهر، وهو مفاعلةٌ من الظَّهر، فيصحُّ أن يُراد به معانٍ مختلفةٌ ترجع إلى الظَّهر معنًى ولفظًا بحسب اختلافِ الأغراض، فيقال: ظاهرتُ، أي: قابلتَ ظهركَ بظهرهِ حقيقةً، وإذا غايظته أيضًا، وإن لم تدابره حقيقةً، باعتبار أنَّ المغايظةَ تقتضي هذه المقابلة، وظاهرتَه إذا نصرتَه، باعتبار أنَّه يُقال: قوَّى ظهرَه إذا نصرَه، وظاهرَ من امرأتهِ وأظهرَ وتظاهرَ واظَّاهر وظَهَّر وتَظَهَّر، إذا قال لها: أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي، وظاهرَ بين ثوبين إذا لبسَ أحدَهما فوقَ الآخر على اعتبار جعلِ ما يلي به كلٌّ منهما الآخرَ ظهرًا للثَّوب، وغاية ما يلزم كون لفظ الظَّهر في بعض هذه التَّراكيب مجازًا، وكونه مجازًا لا يمنع الاشتقاقَ منه، ويكون المشتقُّ مجازًا أيضًا، وقد قيل: الظَّهر هنا مجازٌ عن (١) البطنِ لأنَّه إنَّما يركب البطن، فكظهر أمِّي، أي: كبطنها بعلاقةِ المجاورة، ولأنَّه عمودُه لكن لا يظهر ما هو الصَّارف عن الحقيقةِ من النِّكات، وقيل: خصَّ الظَّهر لأنَّ إتيانَ المرأة من ظهرِهَا كان حرامًا، فإتيان أمِّه من ظهرِهَا أحرمُ فكثرَ التَّغليظ. وفي الشَّرع: هو تشبيه الزَّوجة في الحرمةِ بمحرمه.

(وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ﴾) أي: تحاورك (﴿فِي زَوْجِهَا﴾) في شأنه (إِلَى قَوْلِهِ) تعالى: (﴿فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ١ - ٤]) كذا لأبي ذرٍّ، وعند ابنِ عساكرَ بعد قوله: ﴿زَوْجِهَا﴾: «الآيةَ» وحُذف ما بعدها.

وعن عائشة فيما رواهُ الإمامُ أحمد، أنَّها قالت: «الحمدُ لله الَّذي وسِعَ سمعُه (٢) الأصوات؛ لقد جاءت المجادِلة إلى النَّبيِّ تكلِّمه وأنا في جانب البيتِ ما أسمعُ ما تقول، فأنزلَ الله ﷿: ﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ … » إلى آخر الآية. وكذا رواه البخاريُّ في


(١) في (س): «على».
(٢) في (س) زيادة: «سمع».

<<  <  ج: ص:  >  >>