للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقوله تعالى: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠] وغاية النَّفقة أن تكون دينًا في الذِّمَّة وقد أَعسر بها الزَّوج، فكانت المرأةُ مأمورةً بالإنظار (١) بالنَّصِّ، ثمَّ إنَّ في إلزامِ الفسخ إبطالَ حقِّه بالكلِّيَّة، وفي إلزامِ الإنظار عليها والاستدانةِ عليه تأخير حقِّها دينًا عليه، وإذا دار الأمرُ بينهما كان التَّأخير أولى، وبه فارقَ الجبَّ والعنَّة والمملوك لأنَّ حقَّ الجماع لا يصير دينًا على الزَّوج، ولا نفقة المملوك تصيرُ دينًا على المالك، ويخصُّ المملوكُ أنَّ في إلزامِ بيعه إبطالَ حقِّ السَّيِّد إلى خَلْفٍ هو الثَّمن، فإذا عجزَ عن نفقتهِ كان النَّظر من الجانبين في إلزامهِ ببيعه؛ إذ فيه تخليص المملوك من عذابِ الجوع، وحصولِ بذلِه (٢) القائم مقامَه للسَّيِّد بخلافِ إلزامه بالفُرقة (٣)، فإنَّه إبطال حقِّه بلا بذل (٤)، وهو لا يجوز، بدلالة الإِجماع على أنَّها لو كانت أمَّ ولدٍ عجزَ عن نفقتها لم يعتقْها القاضي عليه، قاله الشَّيخ كمال الدِّين.

وهذا الحديث أخرجه النَّسائيُّ في «عِشْرة النِّساء».

٥٣٥٦ - وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ) بالعين المهملة المضمومة والفاء المفتوحة مصغَّرًا (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (اللَّيْثُ) بن سعد الإمام (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد أيضًا (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ) أمير مصر (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ) سعيد (٥) (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) (أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول) قال في «شرح السنة»: أي: غنى يعتمدُه ويستظهرُ به على النَّوائب الَّتي تنوبه. وقال التُّوربشتيُّ: هو مثلُ قولهم: هو على ظهر سيرٍ وراكب متن السَّلامة وممتطٍ غاربَ العزِّ (٦) ونحو ذلك من الألفاظ


(١) في (م) و (د): «بالانتظار».
(٢) في غير (د): «بذلِ»، والمثبت موافق لما في «فتح القدير».
(٣) في (س): «بخلاف إلزام الفرقة».
(٤) في (م): «بدل».
(٥) وقع في (ص) و (م) بعد لفظ: «عن» المتقدم.
(٦) في كل النسخ: «غارب الغير»، والتصحيح من «الميسر» للتُّوربشتيِّ، و «الكاشف» للطيبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>