للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجماع أو الفحش في القول، أو خطاب الرَّجل المرأة فيما يتعلَّق بالجماع، وقال الأزهريُّ: كلمةٌ جامعةٌ لكلِّ ما يريده الرَّجل من المرأة (وَلَمْ يَفْسُقْ) لم يأتِ بسيِّئةٍ ولا معصيةٍ، وقال سعيد بن جُبيرٍ في قوله تعالى: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٧] الرَّفث: إتيان النِّساء، والفسوق: السِّباب، والجدال: المراء؛ يعني: مع الرُّفقاء والمُكَارِين (١)، ولم يذكر في الحديث الجدال في الحجِّ اعتمادًا على الآية، ويحتمل أن يكون ترك الجدال قصدًا لأنَّ وجوده لا يؤثِّر في ترك مغفرة ذنوب الحاجِّ إذا كان المراد به المجادلة في أحكام الحجِّ لما يظهر من الأدلَّة، أو المجادلة بطريق التَّعميم لا تؤثِّر أيضًا لأنَّ الفاحش منها دخل في عموم الرَّفث، والحسن منها ظاهرٌ في عدم التَّأثير، والمستوي الطَّرفين لا يؤثِّر أيضًا، قاله في «فتح الباري». والفاء في قوله: «فلم يرفث» عطفٌ على الشَّرط، وجوابه: (رَجَعَ) أي: من ذنوبه (كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) بجرِّ «يومِ»: على الإعراب، وبفتحه: على البناء، وهو المختار في مثله لأنَّ صدر الجملة المضاف إليها مبنيٌّ، أي: رجع مشابهًا لنفسه في أنَّه يخرج بلا ذنبٍ كما خرج بالولادة، وهو يشمل الصَّغائر والكبائر والتَّبعات، قال الحافظ ابن حجرٍ: وهو من أقوى الشَّواهد لحديث العبَّاس بن مِرْداسٍ المصرِّح بذلك، وله شاهدٌ من حديث ابن عمر في «تفسير الطَّبريِّ». انتهى. لكن قال الطَّبريُّ: إنَّه محمولٌ بالنِّسبة إلى المظالم على من تاب (٢) وعجز عن وفائها، وقال التِّرمذيُّ: هو مخصوصٌ بالمعاصي المتعلِّقة بحقوق الله خاصَّةً دون العباد، ولا (٣) تسقط الحقوق أنفسها، فمن كان عليه صلاةٌ أو كفَّارةٌ ونحوها من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه لأنَّها حقوقٌ لا ذنوبٌ، إنَّما الذُّنوب تأخيرها، فنفس التَّأخير يسقط بالحجِّ، لا هي أنفسها، فلو أخَّرها بعده تجدَّد إثمٌ آخر، فالحجَّ المبرور يُسقِط إثم المخالفة لا الحقوق.

(٥) (بَابُ فَرْضِ مَوَاقِيتِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ) المكانيَّة، جمع ميقاتٍ «مِفْعَالٍ» من الوقت المحدود،


(١) في (د): «والمكاربين»، وهو تحريفٌ.
(٢) في (د): «مات».
(٣) في (ص): «كما»، هو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>