(١١)(بابُ صِفَةِ إِبْلِيسَ) وهو شخصٌ روحانيٌّ خُلِق من نار السَّموم، وهو أبو الجنِّ والشَّياطين كلِّهم، وهل كان من الملائكة أم لا؟ وآية البقرة -وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى (١)﴾ [البقرة: ٣٤]- تدلُّ على أنَّه منهم، وإلَّا لم يتناوله أمرهم ولم يصحَّ استثناؤه منهم، ولا يَرِدُ على ذلك قوله تعالى: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الكهف: ٥٠] لجواز أن يُقال: إنَّه كان من الجنِّ فعلًا ومن الملائكة نوعًا، ولأنَّ ابن عبَّاسٍ ﵄ روى:«أنَّ من الملائكة ضربًا يتوالدون يُقال لهم: الجنُّ، ومنهم: إبليس» ولمن زعم أنَّه لم يكن من الملائكة أن يقول: إنَّه كان جنِّيًّا نشأ بين أظهر الملائكة، وكان مغمورًا بالألوف منهم فغُلبوا عليه، ولعلَّ ضربًا من الملائكة لا يخالف الشَّياطين بالذَّات، وإنَّما يخالفهم بالعوارض والصِّفات؛ كالبَرَرَة والفَسَقَة من الإنس والجنِّ يشملهما، وكان إبليس من هذا الصِّنف. وعن مقاتلٍ: لا من الملائكة ولا من الجنِّ، بل خُلِق منفردًا من النَّار، ولحسنه كان يُقال له: طاوس الملائكة، ثمَّ مسخه الله تعالى، وكان اسمه عزازيل، ثمَّ إبليس بَعْدُ، وهذا يؤيِّد قول القائل: بأنَّ «إبليس» عربيٌّ، لكن قال ابن الأنباريِّ: لوكان عربيًّا لصُرِف، كإكليلٍ (وَ) في بيان