هاتين الصِّفتين حكمةً لطيفةً، فقال: لأنَّه ﷺ لمَّا دعا إلى الإيمان أجابت خديجة ﵂ طوعًا، فلم تحوجه إلى رفع الصَّوت من غير منازعةٍ ولا تعبٍ، بل أزالت عنه كلَّ تعبٍ وآنسته من كلِّ وحشةٍ وهوَّنت عليه كلَّ عسيرٍ، فناسب أن يكون منزلها الذي بشَّرها به ربُّها بالصِّفة المقابلة لفعلها وصورة حالها ﵂، ومن خواصِّها ﵂ أنَّها لم تَسُؤْهُ قطُّ ولم تغاضبه، وهذا الحديث من المراسيل؛ لأنَّ أبا هريرة ﵁ لم يدرك خديجة وأيَّامها.
٣٨٢١ - (وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ) الخزَّاز -بمُعجَماتٍ- الكوفيُّ، ممَّا وصله أبو عَوانة عن محمَّد ابن يحيى الذُّهليِّ عن إسماعيل بن خليلٍ المذكور قال:(أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ) أبو الحسن الكوفيُّ الحافظ (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ﵂) أنَّها (قَالَتِ: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ) زوج الرَّبيع بن عبد العزَّى بن عبد شمسٍ، والد أبي العاص بن الرَّبيع زوج زينب بنت النَّبيِّ ﷺ(أُخْتُ خَدِيجَةَ) بنت خويلدٍ (عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ) في الدُّخول عليه بالمدينة، وكانت قد هاجرت إلى المدينة، ويحتمل أن تكون دخلت عليه بمكَّة حيث كانت عائشة ﵂ معه في بعض سفراته (فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ) أي: صفة استئذان خديجة؛ لشبه صوتها بصوت أختها، فتذكَّر خديجة بذلك (فَارْتَاعَ لِذَلِكَ) بفوقيَّةٍ، أي: فزع، والمراد: لازِمُه، أي: تغيَّر، قال في «الفتح»: ووقع في بعض الرِّوايات: «فارتاح» بالحاء المُهمَلة، أي: اهتزَّ لذلك سرورًا (فَقَالَ: اللَّهُمَّ) اجعلها (هَالَةَُ) نُصِب على المفعوليَّة، ويجوز الرَّفع بتقدير: هذه هالة، وفي الفرع وأصله:«هَالَةً» بفتحٍ ثمَّ نصبٍ مُنوَّنًا (قَالَتْ) عائشة ﵂: (فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: مَا) أي: أيُّ شيءٍ (تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ) بجرِّ «حمراء» وجوَّز