للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بشهادة هذين الرَّجلين، قال في «الفتح»: والذي تقبل شهادته من الثَّلاثة والد العسيف فقط، وأمَّا العسيف والزَّوج؛ فلا، قال: وغفل بعض من تبع (١) القاضي عياضًا فقال: لا بدَّ من هذا الحَمْلُ، وإلَّا لزم الاكتفاء بشهادة واحدٍ في الإقرار بالزِّنى، ولا قائل به، ويمكن الانفصال عن هذا بأنَّ أنيسًا بُعِث حاكمًا، فاستوفى شروط الحكم، ثمَّ استأذن في رجمها، فأذن له في رجمها، وكيف يُتصوَّر من الصُّورة المذكورة إقامة الشَّهادة عليها من غير تقدُّم دعوى عليها ولا على وكيلها مع حضورها في البلد غير متواريةٍ؟ إلَّا أن يُقال: إنَّها شهادةُ حُسْبَةٍ؟ فيُجاب بأنَّه لم يقع هناك صيغة الشَّهادة المشروطة في ذلك، وقال المهلَّب: فيه حجَّةٌ لمالكٍ في جواز إنفاذ الحاكم (٢) رجلًا واحدًا في الإعذار، وفي أن يتَّخذ واحدًا يثق به يكشف له عن حال الشُّهود في السِّرِّ؛ كما يجوز له قبول الفرد فيما طريقه الخبر، لا الشَّهادة، والحكمة في إيراد البخاريِّ التَّرجمة بصيغة الاستفهام -كما نبَّه عليه في «فتح الباري» -: الإشارةُ إلى خلاف محمَّد بن الحسن ممَّا نقله ابن بطَّالٍ عنه؛ حيث قال: لا يجوز للقاضي أن يقول: أقرَّ عندي فلانٌ بكذا -لشيءٍ يقضي به عليه من قتلٍ أو مالٍ أو عتقٍ أو طلاقٍ- حتَّى يشهد معه على ذلك غيره، وادَّعى أنَّ مثل هذا الحكم الذي في حديث الباب خاصٌّ بالنَّبيِّ ، قال: وينبغي أن يكون في مجلس القاضي أبدًا عدلان يسمعان من يقرُّ، ويشهدان على ذلك، فينفذ الحكم بشهادتهما.

والحديث سبق في «الصُّلح» [خ¦٢٦٩٥] و «الأيمان والنُّذور» [خ¦٦٦٣٣] و «المحاربين» [خ¦٦٨٣٥] و «الوكالة» [خ¦٢٣١٤].

(٤٠) (باب: تَرْجَمَةِ الحُكَّامِ) بصيغة الجمع، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ: «الحاكم»، والتَّرجمة: تفسير الكلام بلسانٍ غير لسانه، يُقال: ترجم كلامه؛ إذا فسَّره بلسانٍ آخر (وَهَلْ يَجُوزُ تَُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ؟) بفتح الفوقيَّة وضمِّها، قال أبو حنيفة وأحمد: يكفي، واختاره البخاريُّ وآخرون، وقال الشَّافعيُّ وأحمد في روايةٍ عنه: إذا لم يعرف الحاكم لسان الخصم؛ لا يقبل فيه إلَّا عدلان


(١) في (د): «تابع».
(٢) في (ص): «الحكم».

<<  <  ج: ص:  >  >>