للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد البرِّ عن الشَّافعيِّ بالقول القديم، وهو نصُّه في «البويطيِّ»، وقال البيهقيُّ في «معرفة السُّنن والآثار»: وأمَّا حديث الخشب في الجدار فإنَّه حديثٌ صحيحٌ ثابتٌ لم نجد في سنن رسول الله ما يعارضه، ولا تصحُّ معارضته بالعمومات، وقد نصَّ الشَّافعيُّ في القديم والجديد على القول به، فلا عذر لأحدٍ في مخالفته، وقد حمله الرَّاوي على ظاهره، وهو أعلم بالمراد بما حدَّث به، يشير (١) إلى قوله: (ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ) بعد روايته لهذا الحديث محافظةً على العمل بظاهره وتحضيضًا على ذلك لمَّا رآهم توقَّفوا عنه: (مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا) أي: عن (٢) هذه المقالة (٣) (مُعْرِضِينَ؟) وعند أبي داود: «إذا استأذن أحدُكم أخاه أن يغرز خشبةً في جداره فلا يمنعه» فنكَّسوا رؤوسهم، فقال أبو هريرة: ما لي أراكم قد أعرضتم؟ (وَاللهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا) أي: بالمقالة (٤) (بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ) بالمُثنَّاة الفوقيَّة، جمع كتفٍ، وفي رواية أبي داود: لألقيَّنها، أي: لأصرخنَّ بالمقالة فيكم ولأوجعنَّكم بالتَّقريع بها، كما يُضرَب الإنسان بالشَّيء بين كتفيه ليستيقظ من غفلته، أو الضَّمير للخشبة، والمعنى: إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين؛ لأجعلنَّ الخشبة على رقابكم كارهين، وقصد بذلك المبالغة، قاله الخطَّابيُّ، وقال الطِّيبيُّ: هو كنايةٌ عن إلزامهم بالحجَّة القاطعة على ما ادَّعاه، أي: لا أقول الخشبة تُرمَى على الجدار، بل بين أكتافكم، لما وصَّى رسول الله بالبرِّ والإحسان في حقِّ الجار وحمل أثقاله.

وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «البيوع»، وأبو داود في «القضاء»، والتِّرمذيُّ في «الأحكام» وأخرجه ابن ماجه أيضًا.

(٢١) (باب صَبِّ الخَمْرِ فِي الطَّرِيقِ) أي: المشتركة بين النَّاس، وفي روايةٍ: «في الطُّرق» بالجمع.


(١) في (م): «مشيرًا».
(٢) «عن»: ليس في (د).
(٣) قوله: «أي: عن هذه المقالة» ليس في متن (ج)، وكتب على هامشها بلا تصحيح.
(٤) في (ب) و (س): «هذه المقالة».

<<  <  ج: ص:  >  >>