وما شرطيَّة، أي: إن لم تمسُّوهنَّ (﴿أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾) إلَّا أن تفرضوا لهنَّ فريضةً، أو حتَّى تَفرضوا، وفرضُ الفريضةِ تسمية المهر ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٦]) فيجازيكُم على تفضُّلكم، ولأنَّ المفوضة لم يحصلْ لها شيءٌ فيجبُ لها مُتعة للإِيحاش.
(وَ) الدَّليل للأولى الَّتي وجبَ لها جميعُ المهر في (قَوْلِهِ) تعالى: (﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٢٤١]) وخصوص قوله تعالى: ﴿فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٢٨] ولأنَّ المهرَ في مقابلة منفعةِ بضعها، وقد استوفاها الزَّوج فتجب للإيحاشِ متعة، وأمَّا من وجبَ لها النِّصف فقط فلا مُتعة لها لأنَّه لم يستوفِ مَنفعةَ بضعها فيكفي نصف مهرها للإيحاش، ولأنَّه تعالى لم يجعل لها سواه بقوله ﷿: ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] ويُسنُّ أن لا تنقصَ المتعةُ عن ثلاثين درهمًا، وأن لا تبلغَ نصف المهر، وعبر جماعة بأنْ لا تزاد على خادمٍ فلا حدَّ للواجبِ، وقيل: هو أقل ما يُتموَّل، ومتَّع الحسنُ بنُ علي زوجتَه بعشرةِ آلاف، وقال: متاعٌ قليلٌ من حبيبٍ مُفارق.
وقال المالكيَّة: لا تجبُ المتعةُ أصلًا، واحتجَّ له بعضُهم بأنَّها لم تقدر.
وأُجيب بأنَّ عدم التَّقدير لا يَمنع الوجوبَ كنفقةِ القريب. وعن أبي حنيفة: تختصُّ بالمطلَّقة قبل الدُّخول ولم يُسمَّ لها صَدَاق (وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ ﷺ فِي المُلَاعَنَةِ مُتْعَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا).