للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلَّة في ذلك سوق الهدي وتقليده، بل إدخال الحجِّ على العمرة، خلافًا للحنفيَّة حيث جعلوا العلَّة في بقائه على إحرامه الهدي، كما سبق تقريره.

ومطابقة الحديث للتَّرجمة من جهة أنَّ الهدي يتناول البقر والبُدن جميعًا -كما سبق- وهمزة «أَحلَّ» مفتوحةٌ في الموضعين، من الثُّلاثيِّ، ويجوز الضَّمُّ من الرُّباعيِّ، لغتان لقوله (١): تحلُّ، والفتح أوفق لقولها: «حلُّوا»، وقال: «لبَّدت رأسي وقلَّدت هديي» وإن كان أجنبيًّا من الحلِّ وعدمه لبيان أنَّه من أوَّل الأمر مستعدٌّ لدوام إحرامه حتَّى يبلغ الهدي محلَّه، والتَّلبيد مشعرٌ بمدَّةٍ طويلةٍ، أو ذكر ذلك لبيان الواقع، أو للتَّأكيد، وفيه: أنَّه كان قارنًا (٢)، ولم يقع في الحديث ذكر فتل القلائد المذكور في التَّرجمة، فقيل: لأنَّ التَّقليد لا بدَّ له من الفتل، ورُدَّ بأنَّ القلادة أعمُّ من أن تكون من شيءٍ يُفتَل أو من شيءٍ لا يُفتَل، فلا تلازُم.

١٦٩٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي الوقت: «حدَّثني» (ابْنُ شِهَابٍ) الزُّهريُّ (عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير (وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن سعد بن زرارة الأنصاريَّة المدنيَّة (أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُهْدِي) بضمِّ أوَّله (مِنَ المَدِينَةِ) أي: يبعث بالهدي منها (فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ) (شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ) من محظورات الإحرام (٣) لأنَّه كان حينئذ لا يحرم (٤)، ولأبوي ذرٍّ والوقت: «يجتنب» بإسقاط الضَّمير.

وفي الحديث: أنَّ من أرسل الهدي إلى مكَّة لا يصير بذلك محرمًا، ولا يحرم عليه شيءٌ ممَّا يحرم على المحرم، وهذا مذهب كافَّة العلماء خلافًا لما رُوِي عن ابن عبَّاسٍ وابن عمر وعطاءٍ وسعيد بن جُبَيرٍ من اجتنابه ما يجتنبه المحرم، ولا يصير محرمًا من غير نيَّة الإحرام.


(١) في غير (د): «كقوله».
(٢) قوله: «وهمزة أَحلَّ مفتوحةٌ في الموضعين … أنَّه كان قارنًا» ليس في (م).
(٣) في (د): «من محظورات الإحرام شيئًا ممَّا يجتنبه المحرم».
(٤) «لأنَّه كان حينئذٍ لا يحرم»: سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>