للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأنَّ النَّوويَّ قال: اختلفوا في نزول آية اللِّعان، هل هو بسبب عويمرٍ أم بسبب هلالٍ؟ والأكثرون: أنَّها نزلت في هلالٍ، وأمَّا قوله لعويمرٍ: «إنَّ الله قد أنزل فيك وفي صاحبتك»، فقالوا: معناه الإشارة إلى ما نزل في قِصَّةِ هلالٍ؛ لأنَّ ذلك حكمٌ عامٌّ لجميع الناس، ويَحتملُ أنَّها نزلت فيهما جميعًا، فلعلَّهما سألا في وقتين متقاربين، فنزلت الآية فيهما وسبق هلال باللعان. انتهى. قال في «الفتح»: ويؤيِّدُ التعدد أنَّ القائل في قصَّة هلالٍ سعدُ ابنُ عبادة، كما أخرجه أبو داود والطبريُّ، والقائلُ في قصَّة عويمرٍ عاصمُ بنُ عديٍّ، كما في حديث سهلٍ السابق، ولا مانع أن تتعدَّد القِصَص ويتَّحِدَ النزول، وجنح القرطبيُّ إلى تجويز نزول الآية مرَّتين، وأنكر جماعةٌ ذِكرَ هلالٍ فيمَن لاعن، والصحيحُ ثبوت ذلك، وكيف يُجزَمُ بخطأِ حديثٍ ثابتٍ في «الصَّحيحين» بمجرَّد دعوى لا دليلَ عليها؟! وقولُ النَّوويِّ في «تهذيبه»: اختلفوا في الذي وَجَدَ مع امرأته رجلًا وتلاعنا على ثلاثة أقوال: هلالُ بن أمية، أو عاصمُ بن عدي، أو عويمرٌ العجلانيُّ؟ قال الواحديُّ: أظهرُ هذه الأقوال أنَّه عويمرٌ؛ لكثرة الأحاديث، واتَّفقوا على أنَّ الموجود زانيًا شريكُ ابن سحماء، تعقَّبوه بأنَّ قِصَّتَي ملاعنة عويمرٍ وهلالٍ ثبتتا، فكيف يُختلف فيهما؟! وإنَّما المختلَفُ فيه سبب نزول الآية في أيِّهما؟ وقد سبقَ تقريرُه، وبأنَّ عاصمًا لم يلاعِن قطُّ، وإنَّما سأل لعويمرٍ العجلانيِّ عن ذلك، وبأنَّ قوله: واتفقوا على أنَّ الموجود زانيًا شريكٌ، ممنوعٌ؛ إذ لم يوجد زانيًا، وإنَّما هم اعتقدوا ذلك ولم يثبت (١) ذلك في حقِّه في ظاهر الحكم، فصوابُ العبارةِ أن يقال: واتَّفقوا على أنَّ المرميَّ به شريكُ ابن سحماء.

وهذا الحديث قد مرَّ في «باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة» من «كتاب الشهادات» [خ¦٢٦٧١].

(٤) (بَابُ قَوْلِهِ) ﷿: (﴿وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٩]) فيما رماها به، وخصَّها بالغضب؛ لأنَّ الغالب أنَّ الرجل لا يتجشَّمُ فضيحةَ أهلِه ورميَها بالزِّنا إلَّا وهو صادقٌ


(١) «ولم يثبت»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>