للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هنا بمعنى الإرسال لا بمعنى الطَّلاق لأنَّه أمر مَن طلَّق قبل الدُّخول أن يمتِّع (١) ويسرِّح، وليس المرادُ من الآية تطليقها بعد التَّطليق قطعًا (وَقَالَ) تعالى: (﴿وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٨]) فهو مجملٌ يحتملُ التَّطليق والإرسال، وإذا احتملَتْ الأمرين انتفى أن تكون صريحةً في الطَّلاق، كذا قرَّره في «الفتح»، وتعقَّبه العينيُّ بأنَّ معنى ﴿وَأُسَرِّحْكُنَّ﴾: أطلِّقكُنَّ لأنَّه لم يسبق هنا طلاقٌ، فمن أين يأتي الاحتمال (وَقَالَ تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩]) أي: إنَّ هذه الآية وردت بلفظ الفراق في موضعِ ورودها بالبقرة بلفظ السَّراح، والحكم فيهما واحدٌ لأنَّه وردَ في الموضعين بعد وقوعِ الطَّلاق، فالمرادُ به الإرسال (وَقَالَ) تعالى: (﴿أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق: ٢]) لأنَّ سياقها بعد وقوع الطَّلاق، فلا يراد بها الطَّلاق بل الإرسال، ومباحثُ هذا مقرَّرة في محاله (٢) من دواوين الفقه.

(وَقَالَتْ عَائِشَةُ) ممَّا وصله في آخر حديث في «باب موعظةِ الرَّجل ابنتَه» من «كتاب النِّكاح» [خ¦٥١٩١]: (قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ).

(٧) (بابُ مَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَقَالَ الحَسَنُ) البصريُّ فيما (٣) وصله عبد الرَّزَّاق: (نِيَّتُهُ) أي: فإن نوى طلاقًا وإن تعدَّد أو ظهارًا وقع المنويُّ لأنَّ كلًّا منهما يقتضي التَّحريم، فجاز أن يُكنَّى عنه بالحرام أو نواهما معًا أو مرتبًا تخيَّر، وثبتَ ما اختارهُ منهما ولا يثبتان جميعًا لأنَّ الطَّلاق يزيلُ النِّكاح، والظِّهار يستدعِي بقاءه، هذا مذهبُ الشَّافعيَّة. وقال الحنفيَّة: إنْ نوى واحدةً فهي بائنٌ، وإن نوى ثنتين فهي واحدةٌ بائنةٌ، وإن لم ينوِ طلاقًا فهي يمينٌ ويصير مولِيًا. وقال المالكيَّة: يقع ثلاثًا ولا يسأل عن نيَّته، ولهم في ذلك تفاصيل يطولُ ذكرها.

(وَقَالَ أَهْلُ العِلْمِ: إِذَا طَلَّقَ ثلاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ) أي: حتَّى تنكِح زوجًا غيره (فَسَمَّوْهُ


(١) في (م): «يمتنع».
(٢) في (م) و (د): «محالها».
(٣) في (م) و (د): «مما».

<<  <  ج: ص:  >  >>