للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعضًا، فهو مجازٌ للقرينة الصَّارفة عن ظاهرِها كما عُلم من القواعدِ الشَّرعية. وأجاب العينيُّ بأنَّ معنى: «أموالُكم عليكم حرامٌ» إذا لم يُوجد التَّراضي، وههنا قد وجدَ بدفع الغاصبِ (١) القيمة (وَ) قال -فيما وصلَه في هذا الباب [خ¦٦٩٦٦]-: (لِكُلِّ غَادِرٍ) بالغين المعجمة والدال المهملة (لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ) وأجاب العينيُّ أيضًا بأنَّه لا يُقال للغاصبِ في اللُّغة: غادر؛ لأنَّ الغدرَ تركُ الوفاءِ، والغصْبُ أخذُ الشَّيء قهرًا وعدوانًا، وقول الغاصب: ماتتْ، كذِبٌ وأخذُ المالكِ القيمة رضًا.

٦٩٦٦ - وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بنُ دُكين قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ) أنَّه (قال: لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ) أي: عَلَمٌ (يُعْرَفُ بِهِ) ولا ريبَ أنَّ الاعتلال (٢) الصَّادر من الغاصب أنَّ الجارية ماتت غدرٌ وخيانةٌ في حقِّ أخيه المسلم. وقال ابنُ بطَّال: خالف أبا حنيفة الجمهور في ذلك، واحتجَّ هو بأنَّه لا يجمع الشَّيء وبدله في مالِ شخصٍ واحدٍ، واحتجَّ الجمهورُ بأنَّه لا يحلُّ مال مسلمٍ إلَّا عن طيبِ نفسه، ولأنَّ القيمة إنَّما وجبت بناءً على صدق دَعوى الغاصب أنَّ الجارية ماتت، فلمَّا تبين أنَّها لم تمتْ فهي باقيةٌ على ملكِ المغصوبِ منه؛ لأنَّه لم يَجْرِ بينهما عقدٌ صحيحٌ، فوجب أن تُردَّ إلى صاحبها.

قال: وفرَّقوا بين الثَّمنَ والقيمة، فإنَّ (٣) الثَّمن في مقابلة الشَّيء القائم، والقيمةَ في مُقابلة الشَّيء المستهلَكِ، وكذا في البيعِ الفاسد، والفرقُ بين الغصبِ والبيعِ الفاسد أنَّ البائعَ رضي بأخذِ الثَّمن عوضًا عن سلعتهِ، وأذنَ للمشتري بالتَّصرف فيها، فإصلاحُ هذا البيع أن يأخذ قيمة السِّلعة إن فاتت، والغاصب لم يأذن له المالكُ فلا يحلُّ أن يتملَّكه (٤) الغاصبُ إلَّا إن رضيَ المغصوبُ منه بقيمتهِ.

والحديث من أفراده.


(١) في (س) و (ص) و (ل): «بأخذ الغاصب».
(٢) في (د): «الاحتيال».
(٣) في (ب) و (س): «بأن».
(٤) في (ص): «يملكه».

<<  <  ج: ص:  >  >>