للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المجادلة: ٩ - ١٠]) أي: يكِلون أمرهم إلى الله، ويستعيذونَ به من الشَّيطان، وسقط لأبي ذرٍّ قوله: «﴿بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾» إلى «﴿فَلْيَتَوَكَّلِ﴾».

(وَقَوْلُهُ) تعالى (١): (﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ﴾) أي: إذا أردتُم مناجاته (﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾) أي: قبلَ نجواكم، وهي (٢) استعارةٌ ممَّن له يدان، كقول عمر : من أفضل ما أوتيت العرب الشِّعر يقدِّمه الرَّجل أمامَ حاجته، فيستمطرُ به الكريم، ويستنزلُ به اللَّئيم (٣) قبل حاجتهِ (﴿ذَلِكَ﴾) التَّقديم (﴿خَيْرٌ لَّكُمْ﴾) في دِينكم (﴿وَأَطْهَرُ﴾) لأنَّ الصَّدقة طهرةٌ (٤) (﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُوا﴾) ما تتصدَّقون به (﴿فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾) في ترخيصِ المناجاة من غير صدقةٍ، وقد نسخ وجوب ذلك عنهم، وقيل: إنَّه لم يعمل بها قبل نسخها إلَّا علي بن أبي طالبٍ . وقال مَعمر: عن قتادة: ما كانت إلَّا ساعةً من نهار، وعن ابن عبَّاسٍ: لَمَّا أكثر المسلمون المسائل على رسول الله حتَّى (٥) شقُّوا عليه، فأراد الله أن يُخفِّف عن (٦) نبيِّه فقال لهم: ﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ [المجادلة: ١٢] فضنَّ كثيرٌ من النَّاس، وكفُّوا عن المساءلة، فأنزل الله تعالى: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [المجادلة: ١٣] فوسَّع الله عليهم ولم يضيِّق (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المجادلة: ١٢ - ١٣]) ولأبي ذرٍّ: «﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ إلى قوله: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾» وأشار بالآيتين الأوَّليتين إلى أنَّ التَّناجِي الجائز مقيَّدٌ بأن لا يكونَ في الإثمِ والعُدوان.

٦٢٨٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ الحافظ (٧) قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمامُ. قال


(١) في (ص) زيادة: «ولأبي ذرٍّ وقال الله ﷿».
(٢) في (ص) و (د): «وهو».
(٣) في (د) زيادة: «يريد»، كذا في تفسير النسفي.
(٤) في (ص): «مطهرة».
(٥) في (د): «حيث».
(٦) في (ص) و (ل): «على».
(٧) «الحافظ»: ليست في (ب) و (د) و (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>