للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من جوَّز الصَّلاة على غيرِ الأنبياءِ استقلالًا، وهو مقتضَى صنيعِ المؤلِّف (١) رحمه الله تعالى؛ لأنَّه صدّر بالآية، ثمَّ بالحديثِ الدَّال على الجوازِ مطلقًا، وقال قومٌ: لا يجوزُ مطلقًا استقلالًا، ويجوزُ تبعًا فيما وردَ به النَّصُّ، أو أُلحق به لقوله تعالى: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣] ولأنَّه لمَّا علَّمهم السَّلام قال: «السَّلام علينا وعلى عبادِ الله الصَّالحين» [خ¦٨٣١] ولمَّا علَّمهم الصَّلاة قصر ذلك عليهِ وعلى أهلِ بيتهِ، وقال آخرون: يجوزُ تَبَعًا مطلقًا، ولا يجوز استقلالًا، وأجابوا عن حديثِ ابنِ أبي أوفى، ونحوه: بأنَّ لله ورسولهِ أن يخصَّا مَن شاءا بما شاءا وليسَ ذلك لغيرهما، وثبتَ عن ابن عبَّاسٍ اختصاص الصَّلاة بالنَّبيِّ ، فعندَ ابنِ أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ من طريقِ عثمان بن حكيمٍ، عن عكرمةَ، عنه: «ما أعلم الصَّلاة تنبغِي على أحدٍ من أحدٍ إلَّا على النَّبيِّ ». وحكي القولُ به عن مالكٍ، وقال: ما تُعبِّدنا به. ونحوه عن عمر بن عبد العزيز، وعن مالكٍ يُكره. وقال القاضي عياض: عامَّة أهلِ العلمِ على الجوازِ. وقال سفيان: يُكره إلَّا على نبيٍّ، ووجدتُ بخطِّ بعض شيوخ مذهب مالك: لا يجوزُ أن يصلَّى إلَّا على محمَّد. وهذا غير معروفٍ من مذهبِ مالك، وإنَّما قال: أكرهُ الصَّلاة على غيرِ الأنبياء، وما ينبغِي لنا أن نتعدَّى ما أُمرنا به، وعند التِّرمذيِّ والحاكمِ في (٢) حديث عليٍّ في الَّذي يحفظُ القرآن: «وصلِّ عليَّ وعلَى سائرِ النَّبِيِّينَ»، وعند إسماعيل القاضي -بسندٍ ضعيفٍ- من حديث أبي هريرة رفعه: «صلُّوا على أنبيَاءِ اللهِ». وقال ابنُ القيِّم: المختار أن يصلَّى على الأنبياءِ والملائكة، وأزواجِ النَّبيِّ وآلهِ وذرِّيَّته، وأهلِ الطَّاعة على سبيلِ الإجمال، ويُكره في غيرِ الأنبياء؛ لشخصٍ مفردٍ بحيثُ يصيرُ شعارًا.

٦٣٦٠ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القَعْنَبِيُّ (عَنْ مَالِكٍ) الإمام (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ


(١) في (ب) و (س): «المصنف».
(٢) في (ب) و (س): «من».

<<  <  ج: ص:  >  >>