للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّريَّة تنازعوا في امتثال ما أمرهم (١) به، فالذين همُّوا أن يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطَّاعة، والذين امتنعوا عارض عندهم الفرار من النَّار، فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التَّنازع، وهو الردُّ إلى الله وإلى رسوله.

(١٢) هذا (٢) (بابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: (﴿فَلَا وَرَبِّكَ﴾) أي: فوربِّك، و «لا»: مزيدةٌ لتأكيد القسم، لا لتُظَاهر ﴿لَا﴾ في قوله: (﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾) لأنَّها تُزَاد أيضًا في الإثبات، كقوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد: ١] قاله في «الأنوار» كـ «الكشَّاف»، وعبارته بعد ذكره نحو ما سبق: فإن قلت: هلَّا زعمت أنَّها زيدت لتُظَاهر «لا» في قوله (٣): ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾؟ قلت: يأبى ذلك استواء النَّفي فيه والإثبات (٤)، وذلك (٥) قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ. وَمَا لَا تُبْصِرُونَ. إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [الحاقة: ٣٨ - ٤٠]. انتهى. قال في «الانتصاف»: أراد الزَّمخشريُّ أنَّها لمَّا زيدت حيث لا يكون القسم نفيًا؛ دلَّت على أنَّها إنَّما تُزاد لتأكيد القسم، فجُعِلَت كذلك في النَّفي، والظَّاهر عندي: أنَّها هنا لتوطئة القسم، وهو لم يذكر مانعًا منه، إنَّما ذكر مَحْمَلًا لغير هذا، وذلك لا يأبى مجيئها في النَّفي على الوجه الآخر من التَّوطئة، على (٦) أنَّ دخولها على المثبَتِ فيه نظرٌ، فلم تأتِ في الكتاب العزيز إلا مع القسم بالفعل ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد: ١] ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١] ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ (٧) [الواقعة: ٧٥] ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ﴾ [الحاقة: ٣٨] ولم يأتِ إلَّا في القسم بغير الله، وله سرٌّ يأبى أن يكون ههنا لتأكيد القسم، وذلك أنَّ المراد بها تعظيم المقسَم به في الآيات المذكورة، فكأنَّه بدخولها يقول: إعظامي لهذه الأشياء المقسَم


(١) زيد في (م): اسم الجلالة.
(٢) «هذا»: ليس في (د).
(٣) «قوله»: مثبتٌ من (ص).
(٤) في (س): «النَّفيُ الإثبات فيه»، زيد في (ص): «انتهى». وسيأتي بعد سطر.
(٥) «ذلك»: سقط من (د).
(٦) في (د) و (م): «بل».
(٧) في (ج) و (ل): «لا أقسم».

<<  <  ج: ص:  >  >>