للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تريد أنَّه ظلم نفسه، وذلك لا يجوز، وإنَّما الوجه في الحديث أن يكون أفرد الشَّحم والفقه، والمراد الشُّحوم والفهوم لأمن اللَّبس؛ ضرورة أنَّ البطون لا تشترك في شحمٍ واحدٍ، بل لكلِّ بطنٍ منها شحمٌ يخصُّه، وكذلك الفقه بالنِّسبة إلى القلوب. انتهى.

(فَقَالَ أَحَدُهُمْ) للآخرَين: (أَتَرَوْنَ) بفتح الفوقيَّة وتُضَمُّ (أَنَّ اللهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الآخَرُ) للآخرَين (١): (يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا، وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا، وَقَالَ الآخَرُ) وهو أفطن أصحابه: (إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ (٢) يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا) ووجه الملازمة في قوله: «إن كان يسمع» أنَّ جميع المسموعات نسبتها إلى الله تعالى على السَّواء (فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ … الآيَةَ [فصلت: ٢٢]) قال ابن بطَّالٍ فيما نقلوه عنه: غرض البخاريِّ في هذا الباب: إثبات السَّمع لله، وإثبات القياس الصَّحيح وإبطال القياس الفاسد؛ لأنَّ الذي قال: «يسمع إن جهرنا ولا يسمع (٣) إن أخفينا» قاس قياسًا فاسدًا؛ لأنَّه شبَّه سمع الله تعالى بأسماع خلقه الذين يسمعون الجهر ولا يسمعون السِّرَّ، والذي قال: «إن كان يسمع إن جهرنا فإنَّه يسمع إن أخفينا» أصاب في قياسه حيث لم يشبِّه الله تعالى بخلقه ونزَّهه عن مماثلتهم، وإنَّما وصف الجميع بقلَّة الفقه؛ لأنَّ هذا الذي أصاب لم يعتقد حقيقة ما قال، بل شكَّ بقوله: «إن كان».

والحديث سبق في «سورة فُصِّلت» [خ¦٤٨١٧].

(٤٢) (باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩]) أي: كلَّ وقتٍ وحينٍ يحدث أمورًا ويجدِّد أحوالًا كما رُوِي (٤) ممَّا سبق معلَّقًا عن أبي الدَّرداء قال: «﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ يغفر ذنبًا،


(١) «للآخرين»: مثبتٌ من (د).
(٢) في (د): «فهو».
(٣) قوله: «جهرنا، ولا يسمع»: سقط من غير (د) و (س).
(٤) زيد في (ص) و (ع): «أنَّ من شأنه كما رُوِي».

<<  <  ج: ص:  >  >>