للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّبب (وَهُمْ) التفاتٌ من الخطابِ في قوله: «بحجزكم» إلى الغيبة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «وأنتُمْ» (يَقْتَحِمُونَ) يدخلون (١) (فِيهَا).

قال في «شرح المشكاة»: تحقيقُ التَّشبيه الواقع في هذا الحديث يتوقَّف على معرفة معنى قوله: ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢٩] وذلك أنَّ حدودَ الله هي محارمهُ ونواهيهِ، كما في «الصَّحيح» [خ¦٥٢] «ألا إنَّ حمى الله محارمهُ» ورأسُ المحارم حبُّ الدُّنيا وزينتها، واستيفاء لذَّتها (٢) وشهواتها، فشبَّه إظهار تلك الحدود من الكتاب والسُّنَّة باستنقاذ الرِّجال من النَّار، وشبَّه فشوَّ ذلك في مشارقِ الأرضِ ومغاربها بإضاءةِ تلك النَّار ما حول المستوقد، وشبَّه النَّاس وعدمَ مبالاتهم بذلك البيان وتعدِّيهم حدودَ الله وحرصَهم على استيفاءِ تلك اللَّذات والشَّهوات، ومنعَه إيَّاهم عن ذلك بأخذِ حجزهِم بالفراشِ الَّتي يقتحمْنَ في النَّار ويغلبنَ المُستوقدَ على دفعهنَّ عن الاقتحامِ، كما أنَّ المستوقد كان غرضهُ من فعلهِ (٣) انتفاعَ الخلقِ به من الاستضاءةِ والاستدفاءِ وغير ذلك، والفَرَاش لجهلهَا جعلته سببًا لهلاكها، فكذلك كان القصدُ بتلك البيانات اهتداءَ الأمَّة واجتنابَها ما هو سببُ هلاكهم، وهم مع ذلك لجهلِهم جعلوها مقتضيةً لتردِّيهم، وفي قوله: «آخذٌ بحجزكم» (٤) استعارة مثل حالة منعهِ الأمَّة عن الهلاكِ بحالة رجلٍ أخذَ بِحُجْزَةِ صاحبهِ الَّذي كاد أن يَهوي في مهواة مهلكةٍ. انتهى.

وهذا الحديثُ سبق في «باب قول (٥) الله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ﴾ [ص: ٣٠]» مختصرًا [خ¦٣٤٢٦].

٦٤٨٤ - وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكين قال: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ) بن أبي زائدة (عَنْ عَامِرٍ)


(١) في (ع) و (ص): «تدخلون»، وفي (د): «تقتحمون تدخلون».
(٢) في (ص): «لذاتها».
(٣) «من فعله»: ليست في (ص).
(٤) في (ع) و (د): «بحجزهم».
(٥) في (ص): «في قوله».

<<  <  ج: ص:  >  >>