جماعةٍ من المحدِّثين، وجمهور المعتزلة والمتكلِّمين، واستدلُّوا أيضًا بقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣٥ - ٣٦] فاستثنى ﴿الْمُسْلِمِينَ﴾ من ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾ والأصل في الاستثناء كون المُستثنَى من جنس المُستثنَى منه، فيكون الإسلام هو الإيمان، وَرُدَّ بقوله تعالى: ﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤] فلو كانا شيئًا واحدًا لزم إثباتُ شيءٍ ونفيُه في حالةٍ واحدةٍ، وهو مُحَالٌ، وأُجِيب: بأنَّ الإسلام المُعتَبر في الشَّرع لا يوجد بدون الإيمان، وهو في الآية بمعنى: انقياد الظَّاهر من غير انقياد الباطن، كما تقدَّم قريبًا.
ثمَّ استدلَّ المؤلِّف أيضًا على مذهبه بقوله تعالى:(﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ﴾) أي: غير التَّوحيد والانقياد لحكم الله تعالى (﴿دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥]): جواب الشَّرط، ووجه الدَّلالة على ترادفهما: أنَّ الإيمان لو كان غير الإسلام لمَا كان مقبولًا، فتعيَّن (١) أن يكون عينه لأنَّ الإيمانَ هو الدِّينُ، والدِّينُ هو الإسلامُ؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٩] فينتج أنَّ الإيمانَ هو الإسلامُ، وسقط للكُشْمِيْهَنِيِّ والحَمُّويي من قوله:«﴿وَمَن يَبْتَغِ﴾ … إلى آخره».
٢٧ - وبسندي الذي قدَّمته أوَّلَ هذا التَّعليق إلى المؤلِّف قال:(حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ الحمصيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا) وللأَصيليِّ: «حدَّثنا»(شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة الأمويُّ (عَنِ الزُّهْرِيِّ)