للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَإِنَّ مِنَ المَجَانَةِ) بفتح الميم والجيم وبعد الألف نون مخفَّفة، أي: عدمُ المبالاةِ بالقولِ والفعلِ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «من المجاهرة» بدل المجانة، وقد ضبَّب على المجانةِ في الفرع. وقال القاضي عياض: إنَّها تصحيفٌ، وإن كان معناها لا يبعدُ هنا لأنَّ الماجنَ (١) هو الَّذي يستهترُ (٢) في أمورهِ (٣)، وهو الَّذي لا يُبالي بما قال وما قيلَ له. وتعقَّبه في «فتح الباري» فقال: الَّذي يظهرُ رُجحان هذه الرواية (٤)؛ لأنَّ الكلام المذكور بعدهُ لا يرتاب أحدٌ أنَّه من المجاهرةِ، فليس في إعادةِ ذكرهِ كبيرُ فائدةٍ، وأمَّا الرِّواية بلفظ المجانة، فيفيدُ معنًى زائدًا وهو أنَّ الَّذي يجاهرُ بالمعصيةِ يكون من جملةِ المُجَّانِ (٥)، والمجانَةُ مذمومةٌ شرعًا وعرفًا، فيكون الَّذي يُظهرُ المعصية قد ارتكبَ محذورين إظهار المعصيةِ وتلبُّسه بفعل المُجَّانِ (أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا) أي: معصيةً (ثُمَّ يُصْبِحَ) يدخل في الصَّباح (وَقَدْ) أي: والحال أنَّه قد (سَتَرَهُ اللهُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «وقد سترهُ اللهُ عليه» (فَيَقُولَ) لغيره: (يَا فُلَانُ عَمِلْتُ) بضم التاء (البَارِحَةَ) هي أقربُ ليلةٍ مضت من وقت القولِ، وأصلها من برحَ إذا زال (كَذَا وَكَذَا) من المعصيةِ (وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ).

وفي حديث ابنِ عمر مرفوعًا عند الحاكم: «اجتنبُوا هذهِ القاذوراتِ الَّتي نهى الله عنها، فمَن ألمَّ بشيءٍ منها فليستترْ بسترِ الله».

٦٠٧٠ - وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابنُ مُسَرْهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاح اليَشْكُريُّ (عَنْ


(١) في (ل): «المجان».
(٢) في (د) و (ع): «يشتهر»، وفي (ص): «يستهتي».
(٣) في (ص) زيادة: «قال في «المصابيح» مجن مجونًا هزل في أموره».
(٤) في (س): «يظهر رجحانه».
(٥) قوله: «فيفيد معنًى زائدًا؛ وهو أنَّ الذي يجاهر بالمعصية؛ يكون من جملة المجان»: ليس في (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>