للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإنسان في أصغر ورقةٍ من الشَّجر؛ رأى عرقًا واحدًا ممتدًا في (١) وسطها، يتشعَّب منه عروقٌ كثيرةٌ إلى الجانبين، ثمَّ يتشعَّب من كلِّ عرقٍ عروقٌ دقيقةٌ، ولا يزال كذلك حتَّى لا يراه الحسُّ، فيعلم أنَّ الخالق خلق فيها قوًى جاذبةً لغذائها من قعر الأرض، يتوَزَّع في كلِّ جزءٍ من أجزائها بتقدير العزيز العليم، فإذا تأمَّل ذلك؛ عَلِم عجزه عن الوقوف على كيفيَّة خلقها وما فيها من العجائب، فالفكرة (٢) تُذهِب الغفلة وتُحدِث للقلب الخشية؛ كما يُحدِثُ الماءُ للزَّرع النَّماء، وما جُلِيت (٣) القلوب بمثل الأحزان، ولا استنارت بمثل الفكر، وقال بعضهم: قوله: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ هو من جعل الجرم محلًّا لتعلُّق المعنى، جَعَل الأجرام محلًّا لتعلُّق (٤) الفكر لا لنفس الفكر؛ لأنَّ الفكر قائمٌ بالمتفكِّر (٥)، ومنه: ﴿أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٨٥] جعل السَّموات والأرض والمخلوقات كلَّها محلًّا لتعلِّق النَّظر لا لنفس النَّظر، فإنَّ النَّظر قائمٌ بالنَّاظر حالٌّ فيه، ومنه: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ [الروم: ٨] أي: في خلق أنفسهم، وهذا كلُّه من مجاز التَّشبيه، وسقط لأبي ذرٍّ لفظ «باب» وقوله: «﴿وَيَتَفَكَّرُونَ﴾ … » إلى آخره، وقال بعد: ﴿جُنُوبِهِمْ﴾: «الآية».

٤٥٧٠ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ) بفتح


(١) في (د): «من».
(٢) في (د): «والفكرة».
(٣) زيد في (د): «عليه».
(٤) قوله: «المعنى جَعَل الأجرام محلًّا لتعلُّق»، ليس في (د).
(٥) في (م): «بالتَّفكُّر».

<<  <  ج: ص:  >  >>