الإبراء والعتق، والطَّلاق بلا قَبول لأنَّها إسقاط، ويُستثنى من اعتبار ذلك الهبةُ الضِّمنيَّة كأن قال لغيره: أعتق عبدك عنِّي ففعل، فإنَّه يدخل في ملكه هبةً، ويُعتَق عنه، ولا يُشتَرط القَبول، ولا يُشتَرط الإيجاب والقَبول في الهديَّة والصَّدقة ولو في غير المطعوم، بل يكفي البَعْث من المملِّك، والقبض من المتملِّك، كما جرى عليه النَّاس في الأعصار، ولهذا كانوا يبعثونهما على أيدي الصِّبيان الَّذين لا تصحُّ عقودهم. فإن قيل: كان هذا إباحةً لا هديَّة. أُجِيب: بأنَّه لو كان إباحةً، ما تصرَّفوا فيه تصرُّف المُلَّاك، ومعلوم أنَّه ليس كذلك.
٢٦٠٠ - وبه قال:(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ) أبو عبد الله البصريُّ البُنَانيُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ) بن زياد قال: (حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف الزُّهريِّ المدنيِّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁) أنَّه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) سلمةُ بن صَخْر، أو سَلْمانُ بن صخر، أو أعرابيٌّ (إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: هَلَكْتُ) فعلتُ ما هو سبب لهلالكي (فَقَالَ)﵊: (وَمَا ذَاكَ؟) ولأحمد «وما الَّذي أهلكك؟»(قَالَ: وَقَعْتُ بِأَهْلِي) أي: وطِئت امرأتي (فِي رَمَضَانَ) نهارًا (قَالَ)﵊: (تَجِدُ) ولأبي ذرٍّ: «أتجد»(رَقَبَةً؟) المراد: الوجود الشَّرعي، ليدخل فيه القدرة بالشِّراء ونحوه، ويخرج عنه مِلْك الرَّقبة المحتاج إليها بطريقٍ شرعيٍّ (قَالَ) الرَّجل: (لَا) أجد رقبة (قَالَ)﵊: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ) الرَّجل: (لَا) أستطيع ذلك (قَالَ)﵊: (فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ) الرَّجل: (لَا) أستطيع (قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) قال في مقدِّمة «فتح الباري»: لم يُسَمَّ، وإن صحَّ أنَّ المحترق سلمةُ بن صخر، فالرَّجل هو فَرْوة بن عَمرو البياضيُّ (بِعَرَقٍ) بفتح العين والرَّاء المهملتين، قال أبو هريرة أو الزُّهريُّ أو غيره:(-وَالعَرَقُ: المِكْتَلُ-) بكسر الميم وسكون الكاف وفتح المثنَّاة الفوقيَّة، وهو الزِّنبيل (فِيهِ تَمْرٌ) وزاد ابن أبي حفصة عند أحمد: «فيه خمسة