يَقُولُ: اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ) فاشتقَّ له النَّبيُّ ﷺ من حالته هذه الكنية، قال الخليل: يقال لمن كان قائمًا: اقعد، ولمن كان نائمًا: اجلس. وتعقَّبه ابنُ دِحية بحديث «الموطأ» حيث قال للقائمِ: اجلسْ، وفيه كرم خلقِ النَّبيِّ ﷺ؛ لأنَّه توجَّه نحو عليٍّ ليترضَّاه ومسح التُّراب عن ظهرهِ ليُبسطه وداعبهُ بالكُنية المذكورةِ، ولم يعاتبْه على مغاضبتهِ لابنته مع رفيع منزلتها عندَه، ففيه استحباب الرِّفق بالأصهار وتركِ معاتبتهم إبقاءً لمودَّتهم، وفيه أيضًا أنَّ أهل الفضلِ قد يقعُ بينهم وبين أزواجِهم ما جبلَ الله عليه البشرَ من الغضبِ، وليس ذلك بعيبٍ، وفيه جوازُ تكنيةِ الشَّخص بأكثر من كنيةٍ، فإنَّ عليًّا كانت كنيتُه أبا الحسن.
(١١٤)(بابُ أَبْغَضِ الأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ)﷿.
٦٢٠٥ - وبه قال:(حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكمُ بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزة قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ) عبد الله بن ذَكوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن هُرمز (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ)﵁، أنَّه (١)(قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ) ولأبي ذرٍّ: «النَّبيُّ»(ﷺ: أَخْنَى) بهمزة مفتوحة فخاء معجمة ساكنة فنون مفتوحة بعدها ألف مقصورة، أي: أفحشُ، من الخَنَى، وهو الفحشُ، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي:«أخنعُ» بالعين المهملة بدل الألف، أي: أذلُّ وأوضعُ (الأَسْمَاءِ) وفي مسلم عن أبي هُريرة من وجهٍ بلفظ: «أبغضُ» وفي لفظ: «أخبثُ الأسماءِ»(يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ) بكسر اللام، والأملاكُ جمع ملِك -بالكسر-، وبالفتح جمع مَليك، ولأبي ذرٍّ:«بملك الأملاك» بزيادةِ موحدةٍ، أي: سمَّى نفسَه بذلك، أو سمِّي بذلك فرضِي به، واستمرَّ عليه وذلك لأنَّ هذا من صفات الحقِّ ﷻ، وذلك لا يليقُ بمخلوقٍ، والعبادُ إنَّما يوصفون بالذُّلِّ والخضوعِ والعبوديَّة.