للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المضيِّ؛ كهذه الآية وأشباهها، وقول الزَّمخشريِّ: ﴿قَدْ نَرَى﴾ ربَّما نرى، ومعناه: كثرة الرُّؤية؛ كقوله:

قد أتركُ القِرْنَ مُصْفرًّا أناملُه ..........................

تعقَّبه أبو حيَّان بأنَّه شرح قوله: ﴿قَدْ نَرَى﴾ بـ «ربُّما نرى»، و «ربَّ» (١) عند المحقِّقين لتقليل الشيء في نفسه أو لتقليل نظيره، ثمَّ قال: «ومعناه: كثرة الرُّؤية» فهو مضادٌّ لمدلول «رُبَّ» على مذهب الجمهور، ثمَّ ما ادَّعاه من كثرة الرُّؤية لا يدلُّ عليه اللَّفظ؛ لأنَّه لم يوضع للكثرة «قد» مع المضارع، سواءٌ (٢) أريد المضيُّ أم لا، وإنَّما فُهِمَت من التَّقلُّب (﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾) تحبُّها وتتشوَّق إليها؛ لمقاصد دينيَّة وافقت مشيئة الله تعالى وحكمه، والجملة في محلِّ نصبٍ صفةٌ لـ ﴿قِبْلَةً﴾ (﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٤٤]) نحوَه وجِهَته، ولغير أبي ذرٍّ بعد قوله: ﴿فِي السَّمَاء﴾: «إلى: ﴿عَمَّا يَعْمَلُونَ (٣)[البقرة: ١٤٤]» وسقط ما بعدها.

٤٤٨٩ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ) بضمِّ الميم الأولى (٤) وسكون العين وفتح الفوقيَّة وكسر الميم آخره راءٌ (عَنْ أَبِيهِ) سليمان بن طرخان (عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ) تعالى (عَنْهُ) أنَّه (قَالَ: لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ) أي: الصَّلاة إلى بيت المقدس وإلى الكعبة من المهاجرين والأنصار (غَيْرِي) وهذا قاله أنسٌ في آخر عمره.

(١٦) (﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ﴾) اليهود (﴿بِكُلِّ آيَةٍ﴾) بكلِّ برهانٍ وحجَّةٍ على أنَّ الكعبة قبلةٌ (﴿مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ﴾) أي: لم يؤمنوا بها ولا صلُّوا إليها، ولام ﴿لَئِنْ أَتَيْتَ﴾ موطِّئةٌ للقسم المحذوف، و «إن» شرطيَّةٌ، فاجتمع شرطٌ وقسمٌ، فالجواب له (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ


(١) في (ص): «وربَّما».
(٢) «سواء»: ليس في (د).
(٣) في (د) و (س): ﴿تَعْمَلُونَ﴾ وهي قراءة ابن عامرٍ وحمزة والكسائِي.
(٤) «الأولى»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>