للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: لمن كان القضاء؟ قال الأنصاريُّ: لابن عمَّته، ولَوَى شِدْقيه، ففطن له يهوديٌّ كان مع المقداد، فقال: قاتل الله هؤلاء، يشهدون أنَّه رسول الله ثمَّ يتَّهمونه في قضاء يُقضَى بينهم، وايم الله لقد أذنبنا ذنبًا مرَّةً في حياة موسى ، فدعانا إلى التَّوبة فقال: اقتلوا أنفسكم، فبلغ قتلانا سبعين ألفًا في طاعة ربِّنا حتَّى رضي عنَّا (١)، فقال ثابت بن قيس بن شمَّاسٍ: إنَّ الله ليعلم منِّي الصِّدق، ولو أمرني محمَّدٌ أن أقتل نفسي لفعلتُ.

(١٣) هذا (بابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: (﴿فَأُوْلَئِكَ﴾) أي: مَنْ أطاع الله والرَّسول (﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ (٢)[النساء: ٦٩]) في الجنَّة بحيث يتمكَّن كلُّ واحدٍ منهم من رؤية الآخر؛ لأنَّ الحجاب إذا زال شاهدَ بعضُهم بعضًا، وليس المراد كون الكلِّ في درجةٍ واحدةٍ؛ لأنَّ ذلك يقتضي التَّسوية في الدَّرجة بين الفاضل والمفضول، وهو غير جائزٍ، والأظهر أنَّ قوله: ﴿مِّنَ النَّبِيِّينَ﴾ بيانٌ لـ ﴿الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم﴾ وجُوِّز تعلُّق: ﴿مِّنَ النَّبِيِّينَ﴾ بـ ﴿يُطِعِ﴾ أي: وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ من النَّبيِّين ومن بعدهم، ويكون قوله: ﴿فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم﴾ إشارةً إلى الملأ الأعلى، ثمَّ قال: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: ٦٩] ويبيِّن ذلك قوله عند الموت: «اللهمَّ ألحقني بالرَّفيق الأعلى» قاله الرَّاغب، وتعقَّبه أبو حيَّان فأفسده معنًى وصناعةً، أمَّا المعنى؛ فلأنَّ الرَّسول هنا: هو محمَّدٌ ، وقد أخبر تعالى أنَّه: ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ﴾ فهو مع من ذُكِر، ولو جُعِل ﴿مِّنَ النَّبِيِّينَ﴾ متعلِّق بـ ﴿يُطِعِ﴾ لكان ﴿مِّنَ النَّبِيِّينَ﴾ تفسيرًا لـ ﴿مِّنَ﴾ الشَّرطيَّة، فيلزم أن يكون في زمانه أو بعده أنبياءُ يطيعونه، وهذا غير ممكنٍ لقوله تعالى: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠] ولقوله : «لا نبيَّ بعدي». وأمَّا الصِّناعة؛ فلأنَّ ما قبل الفاء الواقعة جوابًا للشرط لا يعمل فيما بعدها، لو قلت: إن تَضرِبْ يَقُمْ عمرٌو زيدًا؛ لم يجز، وسقط قوله: «بابٌ» لغير أبي ذرٍّ.


(١) «حتَّى رضي عنَّا»: ليس في (د).
(٢) زيد في (م): ﴿وَالصِّدِّيقِينَ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>