للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «وقال (١)» (ابْنُ عَبَّاسٍ) ، فيما وصلَه الطَّبريُّ من طريق عليِّ بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس في تفسيرِ قولهِ تعالى: (﴿فَالِقُ الإِصْبَاحِ﴾ [الأنعام: ٩٦]) الإصباحُ: (ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَضَوْءُ القَمَرِ بِاللَّيْلِ) واعتُرض على المؤلِّف بأنَّ ابن عبَّاس فسَّر الإصباحَ لا لفظ فالق الَّذي هو المراد هنا؛ لأنَّ المؤلِّف ذكره عقبَ هذا الحديث لما وقع فيه: «فكان لا يَرى رؤيا إلَّا جاءتْ مثل فلقِ الصُّبح». والإصباحُ مصدرٌ سمِّي به الصُّبح، أي: شاق عمود الصُّبح عن سوادِ اللَّيل، أو فالق نور النَّهار. نعم، قال مجاهدٌ -كما (٢) سبق في «تفسير ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ [الفلق: ١]» -[خ¦٦٥ - ٧٣٧٦] الفلق: الصُّبح. وأخرج الطَّبري عنه أيضًا في قولهِ: ﴿فَالِقُ الإِصْبَاحِ﴾ قال: إضاءة الصُّبح، وعلى هذا فالمراد بفَلْق الصُّبح: إضاءته، فالله يفلقُ ظلام اللَّيل عن غرَّة الصَّباح، فيُضيء الوجود، ويستنيرُ الأفق، ويضمحلُّ الظَّلام، ويذهبُ اللَّيل. وقول ابن عبَّاس هذا ثابتٌ في رواية أبي ذرٍّ عن المُستملي والكُشمِيهنيِّ، وكذا النَّسفيِّ، ولأبي زيدٍ المروزيِّ عن الفَِرَبْريِّ.

(٢) (باب رُؤْيَا الصَّالِحِينَ) والإضافة للفاعل، وفي نسخة: «الصَّالحة» وعليها يحتملُ أن تكون الرُّؤيا بالتَّعريف (وَقولِهِ) بالجرِّ عطفًا على السَّابق، ولأبي ذرٍّ: «وقولِ الله» (تَعَالَى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا﴾) أي: صدَّقه في رؤياه ولم يكذِّبه، تعالى الله عن الكذبِ وعن كلِّ قبيحٍ علوًّا كبيرًا. وقال في «فتوح الغيب»: هذا صدق بالفعلِ وهو التَّحقيق، أي: حقَّق (٣) رؤيتَه، وحذفَ الجارّ وأوصلَ الفعل، كقولهِ: ﴿صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٢٣] (﴿بِالْحَقِّ﴾) متلبِّسًا (٤) به، فإنَّ ما رآه كائنٌ لا محالةَ في وقته المقدَّر له وهو العام القابل، ويجوز أن يكون ﴿بِالْحَقِّ﴾ صفة مصدرٍ محذوفٍ، أي: صدقًا متلبِّسًا بالحقِّ، وهو القصدُ إلى التَّمييز بين المؤمن


(١) في (د): «فقال».
(٢) في (ص): «فيما».
(٣) في (د) و (ع): «تحقيق».
(٤) في (ع) و (ص) هنا والمكان التالي: «ملتبسًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>