للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبر في أوَّل الهجرة إلى المدينة بأنَّه ستُفتَح اليمن، فيأتي قومٌ من اليمن إلى المدينة حتَّى يكثر أهل المدينة، والمدينة خيرٌ لهم من غيرها، فتعقَّبه الطِّيبيُّ بأنَّ تنكير «قوم»، ووصفه بـ «يبسُّون» ثمَّ توكيده بقوله: «لو كانوا يعلمون» لا يساعد ما قاله لأنَّ تنكير «قوم» لتحقيرهم وتوهين أمرهم ثمَّ الوصف بـ «يبسُّون» -وهو سوق الدَّوابِّ- يشعر بركاكة عقولهم، وأنَّهم ممَّن ركن إلى الحظوظ البهيميَّة وحطام الدُّنيا الفانية العاجلة (١)، وأعرضوا عن الإقامة في جوار الرَّسول ؛ ولذلك كرَّر: «قومًا»، ووصفه في كلِّ قرينةٍ بـ «يبسُّون» استحقارًا لتلك الهيئة القبيحة، قال: والذي يقتضيه (٢) هذا المقام أن يُنزَّل «يعلمون» منزلة اللَّازم لينتفي عنهم العلم والمعرفة بالكلِّيَّة، ولو ذهب مع ذلك إلى معنى التَّمنِّي لكان أبلغ لأنَّ التَّمنِّي طلب ما لا يمكن حصوله؛ أي: ليتهم كانوا من أهل العلم تغليظًا وتشديدًا.

ومطابقة الحديث للتَّرجمة من حيث إنَّ هؤلاء القوم المذكورين تفرَّقوا في البلاد بعد الفتوحات، ورغبوا عن الإقامة في المدينة، ولو صبروا على الإقامة فيها لكان خيرًا لهم، أمَّا من خرج لحاجةٍ-كجهادٍ أو تجارةٍ- فليس داخلًا في معنى الحديث.

ورواة هذا الحديث كلُّهم مدنيُّون إلَّا شيخه، وفيه: التَّحديث والإخبار والعنعنة والسَّماع والقول، ورواية تابعيٍّ عن تابعيٍّ لأنَّ هشامًا لقي بعض الصَّحابة، وصحابيٍّ عن صحابيٍّ، وأخرجه مسلمٌ في «الحجِّ»، وكذا النَّسائيُّ.

(٦) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (الإِيمَانُ يَأْرِزُ إِلَى المَدِينَةِ) بهمزةٍ ساكنةٍ وراءٍ مكسورةٍ ثمَّ زايٍ كضرَب يضرِب؛ أي: ينضمُّ ويجتمع بعضه إلى بعضٍ فيها، وحكى القابسيُّ فتح الرَّاء من باب علِم يعلَم، وحُكِيَ ضمُّها من باب: نصَر ينصُر.


(١) في غير (ب) و (س): «الفاصلة»، ولعلَّه تحريفٌ عن المثبت.
(٢) في غير (ب) و (س): «يقتضي».

<<  <  ج: ص:  >  >>