لا يلحقهم اللَّاحق ولا يدرك شأوهم السَّابق، وكلَّما مضى منهم واحدٌ مضى من غير بدلٍ، فيكثر غيرهم ويقلُّون (حَتَّى يَكُونُوا كَالمِلْحِ) بكسر الميم (فِي الطَّعَامِ) من القلَّة، ووجه التَّشبيه أنَّ الملح بالنِّسبة إلى جملة الطَّعام جزءٌ يسيرٌ منه بالنِّسبة للمهاجرين وأولادهم الذين انتشروا في البلاد وملكوا الأقاليم، فمن ثمَّ قال ﵊ للمهاجرين:(فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ) أيُّها المهاجرون (أَمْرًا) مفعولٌ به (يَضُرُّ فِيهِ) أي: في ذلك الأمر (أَحَدًا أَو يَنْفَعُهُ) صفةٌ كاشفةٌ لـ «أمرًا»(فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ) مخصوصٌ بغير الحدود، كما سبق [خ¦٣٧٩٩].
٣٨٠١ - وبه قال:(حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولغير أبي ذرٍّ:«حدَّثنا»(مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالمُوحَّدة والمُعجَمة المُشدَّدة، بندارٌ قال:(حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) محمَّد بن جعفرٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ) بن دعامة يحدِّث (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ)﵁(عَنِ النَّبِيِّ ﷺ) أنَّه (قَالَ: الأَنْصَارُ كَرِشِي) بفتح الكاف وكسر الرَّاء، أي: جماعتي (وَعَيْبَتِي) أي: موضع سرِّي، مأخوذٌ من عيبة الثِّياب وهي ما تُحفَظ فيها (وَالنَّاسُ) غير الأنصار (سَيَكْثُرُونَ) بفتح التَّحتيَّة وضمِّ المُثلَّثة (وَ) الأنصار (يَقِلُّونَ) وقد وقع كما قال ﷺ؛ لأنَّ الموجودين الآن ممَّن يُنسَب لعليِّ بن أبي طالبٍ ﵁ ممَّن يتحقَّق نسبه إليه أضعاف من يوجد من قبيلتي الأوس والخزرج ممَّن يتحقَّق نسبه وقِسْ على ذلك، ولا التفات إلى كثرة من يدَّعي أنَّه منهم من غير برهانٍ، قاله في «الفتح»(فَاقْبَلُوا) بفتح المُوحَّدة (مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِم).
وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الفضائل»، والتِّرمذيُّ في «المناقب»، والنَّسائيُّ.
(١٢)(باب مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) بالذَّال المُعجَمة، ابن النُّعمان بن امرئ القيس بن عبد الأشهل