للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتهدَّده: سأفرغُ لك. والوجه الآخر منزَّلٌ على الفراغِ من الشُّغل، لكن على سبيل التَّمثيل شبَّه تدبيرهُ تعالى أمرَ الآخرةِ من الأخذ في الجزاءِ وإيصالِ الثَّواب والعقابِ إلى المكلَّفين بعد تدبيرهِ تعالى لأمر الدُّنيا بالأمرِ والنَّهي، والإماتةِ والإحياءِ، والمنعِ والعطاءِ، وأنَّه لا يشغله شأنٌ عن شأنٍ بحال من إذا كان في شغلٍ يشغلهُ عن شغلٍ آخر إذا فرغَ من ذلك الشُّغل شرع في آخر، وقد ألمَّ به صاحب «المفتاح» حيثُ قال: الفراغُ الخلاص من المهام، والله تعالى لا يشغلُه شأنٌ عن شأنٍ وقع مستعارًا للأخذِ في الجزاءِ وحدَه. وهو المرادُ من قولهِ (١): وقعَ ذلك فراغًا إلى طريقِ المثل (قَالَتِ الرَّحِمُ) بلسانِ الحال، أو بلسانِ المقال (٢)، وعلى الثَّاني هل يخلقُ (٣) الله فيها حياةً وعقلًا؟ وحملَه القاضِي عياض على المجازِ، وأنَّه من ضربِ المثلِ، لكن في حديثِ عبد الله بن عَمرو عند أحمد أنَّها تكلَّمتْ بلسانٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ. وزاد في «سورةِ القتال»: «قامتِ الرَّحم فأخذتْ بِحَقْوِ الرَّحمن» [خ¦٤٨٣٠] وهو استعارةٌ أيضًا سبقَ ذكرها في السُّورة المذكورة، وزاد أيضًا في السُّورة: «فقال: مَهْ، فقالت» [خ¦٤٨٣٠]: (هَذَا مَقَامُ العَائِذِ) أي: قيامِي هذا قيامَ المستجيرِ (بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ. قَالَ) الله تعالى: (نَعَمْ أَمَا) بتخفيف الميم (تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ) بأن أتعطَّف عليه وأرحمَه (وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ) فلا أرحمَه (قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ) رضيتُ، ولأبي ذرٍّ: «بلى وربِّ» (قَالَ) تعالى: (فَهْوَ) أي: قوله: «أصلَ من وصلك … » إلى آخره، (لَكِ) بكسر الكاف.

قال أبو هريرة: (قَالَ رَسُولُ اللهِ : فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: ٢٢]) وهذا الحديثٌ مرَّ في تفسير «سورةِ القتال» [خ¦٤٨٣٠].

٥٩٨٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة آخره دال


(١) في (د) وهامش (ل) من نسخة: «بقوله».
(٢) في (ع): «القال».
(٣) في (د) و (ع): «خلق».

<<  <  ج: ص:  >  >>