ومطابقة هذا الحديث للتَّرجمة من جهة إذنه ﵊ لهندٍ بالأخذ من مال زوجها أبي سفيان، إذ فيه دلالةٌ على جواز أخذ صاحب الحقِّ من مالِ مَنْ لم يوفه، أو جحده قدر حقِّه، وهذا الحديث قد مرَّ [خ¦٢٢١١] ويأتي -إن شاء الله تعالى- في «النَّفقات»[خ¦٥٣٥٩] وفيه فوائد، وقوله في «شرح السُّنَّة»: -إنَّ من فوائده: أنَّ القاضي له أن يقضي بعلمه؛ لأنَّه ﵊ لم يكلِّفها البيِّنة- فيه نظرٌ؛ لأنَّه إنَّما كان فتوى لا حكمًا، وكذا استدلال جماعةٍ به على جواز القضاء على الغائب، لأنَّ أبا سفيان كان حاضرًا بالبلد.
٢٤٦١ - وبه قال:(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (يَزِيدُ) بن أبي حبيبٍ (عَنْ أَبِي الخَيْرِ) مرثدٍ -بالمُثلَّثة- ابن عبد الله اليزنيِّ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) الجهنيِّ، أنَّه (قَالَ: قُلْنَا لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَا) بفتح أوَّله وإسقاط نون الجمع للتَّخفيف، ولأبي ذرٍّ:«لا يقروننا» أي: لا يضيِّفوننا (فَمَا تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ)﵊(لَنَا: إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأُمِرَ لَكُمْ) بضمِّ الهمزة وكسر الميم (بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا) ذلك منهم (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: «فخذوا منه»، أي: من مالهم (حَقَّ الضَّيْفِ) ظاهرُه الوجوبُ بحيث لو امتنعوا من فعله أُخِذ منهم قهرًا، وحُكِي القول به عن اللَّيث، وقال أحمد بالوجوب على أهل البادية دون القرى، ومذهب أبي حنيفة ومالكٍ والشَّافعيِّ والجمهور: أنَّ ذلك سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ، وأجابوا عن حديث الباب بحمله على المُضطَرين، فإنَّ ضيافتهم واجبةٌ تُؤخَذ من مال الممتنع بعوضٍ عند الشَّافعيِّ، أو هذا كان في أوَّل الإسلام حيث كانت المواساة واجبةً، فلمَّا اتَّسع الإسلام نُسِخ ذلك بقوله ﵊:«جائزته يومٌ وليلةٌ»[خ¦٦١٣٥] والجائزة تفضُّلٌ وليست بواجبةٍ، أو المراد: العمَّال المبعوثون من جهة الإمام، بدليل قوله:«إنَّك تبعثنا»، فكان على المبعوث إليهم طعامُهم ومركبُهم وسُكْناهم يأخذونه على العمل الذي يتولَّونه؛ لأنَّه لا مقام لهم إلَّا بإقامة هذه الحقوق، واستدلَّ به المؤلِّف على مسألة