للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استحالَ مثلها في هذه الأمَّة؛ كنزول النَّار من السَّماء لأكل القربان ممَّا لا تعلمون كذبه (وَلَا حَرَجَ) لا ضيق عليكم في الحديث عنهم، لأنَّه كان زجرهم عن الأخذ عنهم والنَّظر في كتبهم قبل استقرار الأحكام الدِّينيَّة والقواعد الإسلاميَّة خشية الفتنة، ثمَّ لمَّا زال المحذور أذن لهم، أو أنَّ قوله أوَّلًا: «حدِّثوا» صيغة أمرٍ تقتضي الوجوب، فأشار إلى عدمه وأنَّ الأمر للإباحة بقوله: «ولا حرج» أي: في ترك التَّحديث عنهم، أو المراد: رفع الحرج عن الحاكي لما في أخبارهم من ألفاظٍ مستبشعةٍ (١)، كقولهم: ﴿اجْعَل لَّنَا إِلَهًا﴾ [الأعراف: ١٣٨] و ﴿فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ﴾ [المائدة: ٢٤] أو المراد: جواز التَّحديث (٢) عنهم بأيِّ صيغةٍ (٣) وقعت من انقطاعٍ أو بلاغٍ، لتعذُّر الاتِّصال في التَّحديث عنهم، بخلاف الأحكام المحمَّديَّة؛ فإنَّ الأصل فيها التَّحديث بالاتِّصال (وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ) بسكون اللَّام، فليتَّخذ (مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) أي: فيها، والأمر هنا معناه الخبر، أي: أنَّ الله تعالى يبوِّئه مقعده من النَّار، أو أمرٌ على سبيل التَّهكُّم، أو دعاءٌ على معنى: بوَّأه الله، ولو نقل العالم معنى قوله بلفظٍ غير لفظه لكنَّه مطابقٌ لمعنى لفظه فهو جائزٌ عند المحقِّقين، كما ذُكِر في محلِّه.

وهذا الحديث أخرجه الترمذي في «العلم».

٣٤٦٢ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ) الأويسيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: «حدَّثنا» (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) بسكون العين، القرشيُّ (عَنْ صَالِحٍ) هو ابن كيسان (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ)


(١) في (د): «مستشنعةٍ».
(٢) في (د): «التَّحدُّث» وكذا في الموضع اللَّاحق.
(٣) في (د): «صفةٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>