للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قَالَ) ابن عبَّاسٍ مفسِّرًا لقوله: ﴿جَمْعَهُ﴾ أي: (جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ) بفتح الجيم وسكون الميم (ثُمَّ تَقْرَؤُهُ ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾) بلسان جبريل عليك (﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٦ - ١٨] قَالَ) ابن عبَّاسٍ: أي: (فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ) بهمزة قطعٍ مفتوحةٍ وكسر الصَّاد، أي: لتكن (١) حال قراءته ساكتًا (ثُمَّ (٢) إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ) وفي «بدء الوحي» [خ¦٥]: «﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ ثمَّ إنَّ علينا أن تقرأه» (قَالَ) ابن عبَّاسٍ: (فَكَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ) قراءته (فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ كَمَا أَقْرَأَهُ) ولأبي ذرٍّ: «كما أقرأه جبريل» ففي هذا الحديث أنَّ القرآن يُطلَق ويُراد بقوله: ﴿قُرْآنَهُ﴾ القراءة، لا نفس القرآن، وأنَّ تحريك اللِّسان والشَّفتين بقراءة القرآن عملٌ للقارئ يُؤجَر عليه، وقوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ فيه إضافة الفعل إلى الله تعالى، والفاعل له من يأمره بفعله، فإنَّ القارئ لكلامه تعالى على النَّبيِّ هو جبريل، ففيه بيانٌ لكلِّ ما أشكل من فعلٍ يُنسَب إلى الله تعالى ممَّا لا يليق به فعله من المجيء والنُّزول ونحو ذلك، قاله ابن بطَّالٍ.

قال الحافظ ابن حجرٍ: والذي يظهر أنَّ مراد البخاريِّ بهذين الحديثين الموصول والمعلَّق الرَّدُّ على من زعم أنَّ قراءة القارئ قديمةٌ، فأبان أنَّ حركة لسان القارئ بالقرآن من فعل القارئ بخلاف المقروء، فإنَّه كلام الله القديم كما أنَّ حركة لسان ذاكر الله حادثةٌ من فعله، والمذكور هو الله تعالى.

وهذا (٣) الحديث سبق في «بدء الخلق» [خ¦٥].

(٤٤) (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى (٤): ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾) ظاهره الأمر بأحد الأمرين الإسرار والإجهار، ومعناه: ليستوِ عندكم إسراركم وإجهاركم في علم الله بهما (﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الملك: ١٣]) أي: بضمائرها قبل أن تترجم الألسنة عنها، فكيف لا يعلم ما تكلَّم به! (﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ


(١) في (د): «تكون».
(٢) «﴿ثُمَّ﴾»: سقط من غير (ب) و (س).
(٣) «هذا»: ليس في (د).
(٤) «تعالى»: سقط من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>