للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«فإنَّها (١) ليس بينها» أي: دعوة المظلوم (وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ) وإن كان المظلوم عاصيًا؛ لحديث أحمد عن أبي هريرة بإسنادٍ حسنٍ مرفوعًا: «دعوة المظلوم مستجابةٌ، وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه (٢)» وليس لله حجابٌ يحجبه عن خلقه، فإن قلت: إنَّ بعث معاذٍ كان بعد فرض الصَّوم والحجِّ، فلِمَ لم يذكرهما؟ أُجيب بأنَّه اختصارٌ من بعض الرُّواة، وقِيلَ: إنَّ اهتمام الشَّارع بالصَّلاة والزَّكاة أكثر؛ ولذا كُرِّرا (٣) في القرآن، فمن ثمَّ لم يذكرهما في هذا الحديث، وقال الإمام البلقينيُّ: إذا كان الكلام في بيان الأركان؛ لم يُخِلَّ الشَّارع منها (٤) بشيءٍ؛ كحديث ابن عمر [خ¦٨]: «بني الإسلام على خمسٍ … »، فإذا كان في الدُّعاء إلى الإسلام؛ اكتُفِي بالأركان الثَّلاثة: الشَّهادة والصَّلاة والزَّكاة، ولو كان بعد وجود فرض الصَّوم والحجِّ؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ﴾ [التوبة: ٥] في موضعين من «براءة» مع أنَّ نزولها بعد فرض الصَّوم والحجِّ قطعًا، والحكمة في ذلك: أنَّ الأركان الخمسة: اعتقاديٌّ؛ وهو الشَّهادة، وبدنيٌّ؛ وهو الصَّلاة، وماليٌّ؛ وهو الزَّكاة، فاقتصر في الدُّعاء إلى الإسلام عليها؛ لتفرُّع الرُّكنين الأخيرين عليها، فإنَّ الصَّوم بدنيٌّ محضٌ، والحجَّ بدنيٌّ وماليٌّ.

وهذا الحديث قد مرَّ في أوَّل «باب وجوب الزَّكاة» [خ¦١٣٩٥]. انتهى (٥).

(٦٤) (باب صَلَاةِ الإِمَامِ وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ) كأن يقول: آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت، ونحو ذلك، والمرادُ من الصَّلاة معناها اللَّغويُّ؛ وهو الدُّعاء، وعطف الدُّعاء على الصَّلاة؛ ليبيِّن أنَّ لفظ الصَّلاة ليس بحتمٍ، بل غيره من الدُّعاء ينزل منزلته، قاله ابن المُنيِّر، ويؤيِّده ما في حديث وائل بن حُجْرٍ عند النَّسائيِّ أنَّه قال في رجلٍ بعث بناقةٍ حسناء (٦) في


(١) «فإنَّها»: ليس في (م).
(٢) في (ص): «لنفسه».
(٣) في (د): «ولذلك كُرِّرا»، وفي غير (س): «ولذا كُرِّر».
(٤) في (د): «منه».
(٥) «انتهى»: مثبتٌ من (ص).
(٦) في (ص) و (م): «حسنة».

<<  <  ج: ص:  >  >>