للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من بغضهم، ورغَّب في حبِّهم حتَّى جعله من الإيمان والنِّفاق؛ تنويهًا بفضلهم، وهذا جارٍ باطِّرادٍ في أعيان الصَّحابة؛ لتحقُّق الاشتراك في الإكرام؛ لِمَا لهم من حسن الغَنَاء في الدِّين، وإن وقع من بعضهم لبعضٍ بغضٌ بسبب الحروب الواقعة بينهم؛ فذاك من غير هذه الجهة؛ لِمَا طرأ من المخالفة، ومن ثمَّ لم يحكم بعضهم على بعضٍ بالنِّفاق، وإنَّما حالهم في ذلك حال المجتهدين في الأحكام؛ للمصيب أجران، وللمخطئ أجرٌ واحدٌ.

وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الإيمان»، والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ في «المناقب»، وابن ماجه في «السُّنَّة».

٣٧٨٤ - وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الفراهيديُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ) كذا في الفرع وأصله لكنَّه ضُبِّب عليه، وقال في الهامش: «عن عبد الله» بدل «عبد الرَّحمن»، وهو الصَّحيح (١) (بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبْرٍ) بفتح الجيم وسكون المُوحَّدة، وقيل: جابر بن عتيكٍ الأنصاريِّ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ ) أنَّه (قَالَ: آيَةُ الإِيمَانِ) أي: علامته (حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ) وقد وقع في إعراب الحديث لأبي البقاء العُكْبريِّ: «إنَّه الإيمانُ» بهمزةٍ مكسورةٍ ونونٍ مُشدَّدةٍ وهاءٍ، و «الإيمان» مرفوعٌ، وأعربه، فقال: «إنَّ» للتَّأكيد، والهاء ضمير الشَّأن، و «الإيمان» مبتدأٌ، وما بعده خبرٌ، ويكون التَّقدير: إنَّ الشَّأنَ الإيمانُ حبُّ الأنصار، وهذا تصحيفٌ، وفيه نظرٌ من جهة المعنى؛ لأنَّه يقتضي حصر الإيمان في حبِّ الأنصار، وليس كذلك، فإن قلت: واللَّفظ المشهور أيضًا يقتضي الحصر؛ أُجيب بأنَّ العلامة كالخاصَّة تطَّرِد ولا تنعكس، وإن أُخِذ من طريق المفهوم؛ فهو مفهوم لقبٍ لا عبرةَ به سلَّمنا الحصر لكنَّه ليس حقيقيًّا بل ادِّعائيًّا للمبالغة، أو هو حقيقةٌ (٢)، لكنَّه


(١) في (ب) و (س): «الصَّواب».
(٢) في (ص) و (م): «للحقيقة».

<<  <  ج: ص:  >  >>