للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آخره، وسقط لفظ «الرَّجل» لأبي ذرٍّ (يَتْبَعُ) بسكون الفوقية (بِهَا) بالغنم (شَعَفَ الجِبَالِ) بفتح الشين المعجمة والعين المهملة بعدها فاء، رؤوس الجبال (وَمَوَاقِعَ القَطْرِ) بطون الأودية؛ إذ هُما أماكن الرَّعي (يَفِرُّ بِدِينِهِ) بسبب دينه (مِنَ الفِتَنِ) وفي قوله: «يأتي على النَّاس زمانٌ … » إلى آخره إشارةٌ إلى أنَّ خيريَّة العزلة تكون (١) في آخر الزَّمان، أمَّا زمنه فكان الجهاد فيه مطلوبًا، وأمَّا بعده فيختلفُ (٢) باختلافِ الأحوالِ، كما يأتي ذِكره -إن شاء الله تعالى- بعون الله في «كتاب الفتن» [خ¦٧٠٨٨]، وقد قال أبو القاسم القشيريُّ : الخَلوة صفة أهل الصَّفوة، والعُزْلة من أماراتِ الوصلة، ولابدَّ للمريدِ -في ابتداءِ حاله من العزلةِ عن أبناءِ جنسهِ، ثمَّ في نهايتهِ- من الخَلوة لتحقُّقه بأُنسه (٣)، ومن حقِّ العبدِ إذا آثر العزلةَ أن يعتقدَ باعتزالهِ عن الخلق سلامة النَّاس من شرِّه. انتهى.

وفي العزلةِ فوائد: التَّفرُّغ للعبادة وانقطاع طمع النَّاس عنه وعَتبهم عليه، والخَلاص من مشاهدةِ الثُّقلاء والحَمْقى، ويحصلُ بالمخالطةِ غالبًا الغيبة والرِّياء والمخاصمة وسرقة طبع (٤) الرَّذائلَ. قال الجنيد: مُكابدة العزلةِ أيسرُ من مداراةِ (٥) الخلطة. انتهى. وإنَّما كان ذلك؛ لأنَّ مُكابدة العزلة اشتغالٌ بالنَّفس خاصَّة وردٌّ لها (٦) عمَّا تشتهيهِ، بخلاف مُدَاراة الخلطة (٧) بالنَّاس مع اختلاف أخلاقهِم وشهواتهم وأغراضِهم، وما يبدو منهم من الأذى وما يحتاج إليه من الحلم والصَّفح. نعم قد تجبُ الخلطة لتحصيلِ علمٍ أو عملٍ.

(٣٥) (بابُ رَفْعِ الأَمَانَةِ) من النَّاس حتَّى يكون الأمين كالمعدومِ أو معدومًا.


(١) في (ص) و (ع): «يكون».
(٢) في (ب) و (س): «فتختلف».
(٣) في (ص): «لأنسه».
(٤) في غير (د): «الطَّبع».
(٥) في (د): «مكابدة».
(٦) في (ل): «وردعها».
(٧) قوله: «وإنَّما كان ذلك … بخلاف مُدَاراة الخلطة»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>