الجمهور وهو الرَّاجح من قولي الشَّافعيِّ. وفي القديم وهو قول مالك: يحلُّ؛ لحديث عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه -عند أبي داود-: أنَّ أعرابيًّا يقال له: أبو ثعلبة قال: يا رسول الله، إنَّ لي كلابًا مكلَّبة، فأفتني في صيدها. قال:«كلْ ممَّا أمسكنَ عليك» قال: وإن أكلَ منه؟ قال:«وإن أكلَ منه» لكن في رجاله من تكلِّم فيه، فالمصيرُ إلى حديث عديٍّ المرويِّ في «الصحيحين» أولى، لا سيَّما مع اقترانهِ بالتَّعليل المناسبِ للتَّحريم، وهو خوف (١) الإمساك على نفسه المتأيِّد بأنَّ الأصل في الميتة التَّحريم، فإذا شككنَا في السَّبب المبيحِ رجعنا إلى الأصل وظاهر القرآن أيضًا، ولئن سلمنا صحَّته فهو محمولٌ على ما إذا أطعمَه صاحبهُ منه أو أكل منه بعدما قتله وانصرفَ، وسيكون لنا عودةٌ لذكر شيءٍ من هذهِ المسألة في «بابٌ: إذا أكلَ الكلبُ»، إن شاء الله تعالى.
(٣)(بابُ) حكم (مَا أَصَابَ المِعْرَاضُ) من الصَّيد (بِعَرْضِهِ).
٥٤٧٧ - وبه قال:(حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ) بن عُقبة، ولأبي ذرٍّ:«قتيبة» قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابنُ المعتمر (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعيِّ (عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحَارِثِ) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى، النَّخعيِّ الكوفيِّ، والألف واللام في الحارث للمح الصِّفة (عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ﵁) أنَّه (قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نُرْسِلُ الكِلَابَ المُعَلَّمَةَ) للصَّيد، والمعلَّمة: بفتح اللام المشددة، هي الَّتي إذا أغراها صاحبُها على الصَّيد طلبته، وإذا زجرها انزجرتْ، وإذا أخذتِ الصَّيد حبستْهُ على صاحبها، فلا تأكلْ من لحمه أو نحوه كجلدِه وحَشْوته قبل قتلهِ أو عَقِبَه، مع تكرُّرٍ لذلك، يظنُّ به تأديبُها، ومرجعه أهل الخبرةِ بالجوارحِ (قَالَ)ﷺ: (كُلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ. قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ. قَالَ: وَإِنْ قَتَلْنَ) جواب الشَّرط محذوفٌ يدلُّ عليه ما قبله، أي: وإن قتلنَ تأمرني بأكلهِ؟ قال ﷺ:«وإنْ قتلنَ فكلْ؛ إذ هو ذكاتُه ما لم يشرَكْها كلبٌ ليس منها».