للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مبالغةً في عدم من يقبل الصَّدقة؛ لأنَّ الذَّهب أعزُّ الأموال وأشرفها، فإذا لم يوجد (١) من يأخذه فغيره بطريق الأَوْلى، والقصد حصول عدم القبول (٢) مع اجتماع ثلاثة أشياء: طواف الرَّجل بصدقته، وعرضها على من يأخذها، وكونها من ذهبٍ (ثُمَّ لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ) بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة وفتح الرَّاء مبنيًّا للمفعول (الوَاحِدُ) حال كونه (يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ) بضمِّ اللَّام وسكون الذَّال المعجمة، أي: يلتجئن إليه (مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ) بسبب كثرة الحروب والقتال الواقع في آخر الزَّمان؛ لقوله [خ¦٨٥]: «ويكثر (٣) الهرج» (وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ).

ورواة هذا الحديث كلُّهم كوفيُّون، وأخرجه مسلمٌ بسند البخاريِّ.

(١٠) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) هذا لفظ الحديث [خ¦١٤١٧]. (وَالقَلِيلِ مِنَ الصَّدَقَةِ) بجرِّ «القليلِ» عطفًا على سابقه، من عطف العامِّ على الخاصِّ، أي: اتَّقوا النَّار ولو بالقليل من الصَّدقة (﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ﴾) شاملٌ للقليل والكثير (﴿ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ﴾ (٤) [البقرة: ٢٦٥]) أي: وتثبيت بعضٍ أنفسَهم على الإيمان، فإنَّ المال شقيق الرُّوح، فمن بذل ماله لوجه الله ثبَّت بعض نفسه، ومن بذل ماله وروحه ثبَّتها كلَّها، أو تصديقًا وتيقُّنًا من أصل أنفسهم أنَّ الله سيجزيهم على ذلك،، وفيه تنبيهٌ على أنَّ حكمة الإنفاق للمنفق تزكيةُ النَّفس عن البخل وحبِّ المال (الآية) أي: إلى آخرها، ومعناها: أنَّ مَثَلَ نفقة هؤلاء في


(١) في (د): «يجد».
(٢) في غير (ص) و (م): «عدم حصول القبول».
(٣) الواو زيادة من (م).
(٤) في حاشية (د): (قال البغويُّ ما مُلخَّصه: ﴿ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ﴾ أي: طلب رضاه ﴿وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ﴾ أي: احتسابًا، وقِيلَ: تصديقًا، أي: يُخرجون الزَّكاة طيِّبةً بها أنفسهم على يقين الثَّواب وتصديقًا بوعد التَّواب، ويعلمون أنَّ ما أخرجوا خيرٌ لهم ممَّا تركوا، وقِيلَ: على يقينٍ إخلاف الله عليهم، وقال عطاءٌ ومجاهدٌ: يتثبَّتون أين يضعون أموالهم، قال الحسن كان الرَّجل إذا همَّ بصدقةٍ تثبَّت، فإن كان لله أمضى، وإن خالطه شكٌّ أمسك).

<<  <  ج: ص:  >  >>