للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤) (﴿كَرَّمْنَا﴾) ولأبي ذَرٍّ: «باب قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: ٧٠]» كرَّمنا (وَأَكْرَمْنَا وَاحِدٌ) وهو مِن «كَرُم» بالضَّمِّ؛ كشَرُفَ، والمعنى: جعلنا لهم كَرَمًا، أي: شَرَفًا وفضلًا، وهذا كرمُ نفيِ النُّقصانِ لا كرم المال، وتكريمهم -كما قال في «الأنوار» - بحسن الصُّورة، والمزاج الأعدل، واعتدال القامة، والتَّمييز (١) بالعقل، والإفهام بالنُّطق والإشارة والخطِّ، والهَدْي إلى أسباب المعاش والمعاد، والتَّسلُّط على ما في الأرض، والتَّمكُّن من الصِّناعات إلى ما يعود عليهم بالمنافع … إلى غير ذلك ممَّا يقف الحصر دون إحصائه، واستُدِلَّ بالآية على طهارة ميتة الآدميِّ؛ لأنَّ قضيَّة تكريمه ألَّا يُحكَم بنجاسته بالموت؛ كما نصَّ عليه في «الأمِّ»، ولأنَّه قبَّل عثمان بن مظعونٍ بعد موته ودموعُه تجري على خدِّه، فلو كان نجسًا لَمَا قبَّله مع ظهور رطوبته، ولأنَّا تُعُبِّدنا بغسله، والنَّجِس لا يُتَعَبَّد بغسله؛ لأنَّ غسله يزيد النَّجاسة، وسواءٌ المسلم والكافر، وأمَّا قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨] فالمراد نجاسة الاعتقاد، أو اجتنابهم كالنَّجس لا نجاسة الأبدان.

(﴿ضِعْفَ الْحَيَاةِ﴾) في قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً. إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ﴾ [الإسراء: ٧٤] أي لو قاربت تركن إليهم أدنى ركنةٍ لأذقناك (عَذَابَ الحَيَاةِ (٢)) أي: (وَعَذَابَ المَمَاتِ) ولأبي ذَرٍّ: «﴿وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾» بدل «وعذاب الممات» (٣)،


(١) في (ص): «التَّميُّز».
(٢) زيد في (م): «﴿وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾».
(٣) «الممات»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>