للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنَّهُم مسلمون (فَنَزَلَتْ) لمَّا اختَلفوا: (﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾) أي: تفرَّقتم في أمرهم فرقتَينِ (﴿وَاللّهُ أَرْكَسَهُم﴾) ردَّهم إلى حكم الكفَّارِ (١) (﴿بِمَا كَسَبُواْ﴾ [النساء: ٨٨]) بسببِ عصيانهم ومخالفتهم (وَقَالَ) النُّبيُّ : (إِنَّهَا طَيْبَةُ، تَنْفِي الذُّنُوبَ) أي: تميزُ وتظهرُ -بالظاء المعجمة- أصحابَ الذُّنوبِ (كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الفِضَّةِ) وهو ما تُلقيه النَّارُ من وسَخِها إذا أُذِيبت.

وقوله: «وقال: إنها … » إلى آخره، هو حديثٌ آخرُ سبق في آخرِ «الحجِّ» [خ¦١٨٨٤] كما نبَّه عليه في «الفتح».

(١٨) هذا (٢) (بابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: (﴿إِذْ﴾) أي: واذكُر إذ (﴿هَمَّت﴾) أي: عزَمَتْ (﴿طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ﴾) حَيَّانِ من الأنصار: بنو سَلِمَةَ من الخزرجِ، وبنو حارثةَ من الأوس (﴿أَن تَفْشَلَا﴾) أي: بأن تجبُنا وتضعُفَا، وكانَ خرجَ إلى أُحُد في ألفٍ، والمشركُونَ في ثلاثةِ آلافٍ، ووعدهُم بالفتحِ إن صبَروا، فانخَزَلَ ابنُ أُبَيٍّ بثلثِ النَّاسِ وقال: عَلَامَ نَقْتُل أنفسَنَا وأولادَنَا؟ فَهمَّ الحيَّان باتِّباعهِ فعصمَهم الله تعالى، فمضوا مع رسولِ الله ، وعن ابنِ عبَّاس : أضْمَروا أن يرجِعُوا، فعزمَ الله تعالى لهم على الرُّشْدِ فثبتُوا. والظَّاهرُ: أنَّها ما كانَتْ إلَّا هِمَّةً وحديثَ نفسٍ، وكما لا تخلو النَّفسُ عند الشِّدَّةِ من بعض الهَلَعِ، ثمَّ يردُّها صاحبُها إلى الثَّباتِ والصَّبرِ، ويوطِّنُها على احتمالِ المكروهِ، ولو كانتْ عزيمةً لَمَا ثبتَتْ معها الولايةُ، والله تعالى يقول: (﴿وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا﴾) ويجوزُ أن يُرَادَ: واللهُ ناصرُهما ومتولِّي أمرَهما، فما لهما يفشلانِ ولا يتوكلانِ على الله تعالى؟! (﴿وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٢]) أمرهم بأن (٣) لا يتوكَّلُوا إلا عليه، ولا يفوِّضُوا أمرَهم إلَّا إليه، وسقط لأبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ «﴿وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾» وقالا: «الآية».


(١) في (ص): «بردهم إلى الكفار».
(٢) «هذا»: ليست في (م) و (ب) و (د).
(٣) في (ص): «أن».

<<  <  ج: ص:  >  >>