للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرِّبويِّ بجنسه متفاضلًا لأنَّه حرامٌ، بل حيلٌ في تمليكه لتحصيل ذلك، ففي التَّعبير بذلك تسامحٌ، وقد زاد سليمان في روايته لهذا الحديث بعد قوله: «لا تفعل»: «ولكن مثلًا بمثل» أي: بِعِ المثل بالمثل، وزاد في آخره: «وكذلك الميزان» أي: في بيع ما يوزَن من المقتات بمثله، قال ابن عبد البرِّ: كلُّ مَنْ روى عن عبد المجيد هذا الحديث ذكر فيه «الميزان» سوى مالك، وهو أمرٌ مُجمَعٌ عليه، لا خلاف بين أهل العلم فيه، وقد أُجمِع على أنَّ التَّمر بالتَّمر لا يجوز بيع بعضه ببعضٍ إلَّا مثلًا بمثلٍ، وسواءٌ فيه الطَّيِّب والدُّون، وأنَّه كلَّه على اختلاف أنواعه واحدٌ، وأمَّا سكوت من سكت من الرُّواة عن فسخ البيع المذكور، فلا يدلُّ على عدم الوقوع، وقد ورد الفسخ من طريقٍ أخرى عند مسلمٍ بلفظ: فقال: «هذا الرِّبا، فردُّوه»، ويحتمل تعدُّد القصَّة وأنَّ الَّتي لم يقع فيها الرَّدُّ كانت قبل تحريم ربا الفضل. انتهى.

وقد احتجَّ بحديث الباب من أجاز بيع الطَّعام من رجلٍ نقدًا، و (١) يبتاع منه طعامًا قبل الافتراق وبعده لأنَّه لم يخصَّ فيه بائع الطَّعام ولا مبتاعه من غيره، وهذا قول الشَّافعيِّ وأبي حنيفة، ومنعه المالكيَّة، وأجابوا عن الحديث: بأنَّ المطلق لا يشمل، ولكن يشيع، فإذا عُمِل به في صورةٍ فقد سقط الاحتجاج به (٢) فيما عداها بإجماعٍ من الأصوليين، وبأنَّه لم يقل: وابتع ممَّن اشترى الجمع، بل خرج الكلام غير متعرِّضٍ لعين البائع من هو، فلا يدلُّ، والله أعلم.

وهذا الحديث أخرجه في «الوكالة» [خ¦٢٣٠٢] [خ¦٢٣٠٣] أيضًا و «المغازي» [خ¦٤٢٤٤] [خ¦٤٢٤٥] و «الاعتصام» [خ¦٧٣٥٠] [خ¦٧٣٥١]، ومسلمٌ في «البيوع» وكذا النَّسائيُّ.

(٩٠) (بابُ مَنْ) ولأبي ذرٍّ: «قَبْضِ مَنْ» (بَاعَ نَخْلًا) اسم جنسٍ يُذَكَّر ويُؤَنَّث، والجمع: نخيلٌ (قَدْ أُبِّرَتْ) بضمِّ الهمزة وتشديد الموحَّدة في الفرع، يُقال: أبَّرتُ الشَّيءَ أؤبِّرهُ تأبيرًا، كعلَّمته أُعلِّمه تعليمًا، وفي غيره: «أُبِرَت» بالتَّخفيف، يُقال: أبَرت النَّخل آبره أَبْرًا، بوزن أكلت الشَّيء آكله أكلًا، والجملة صفةٌ لقوله: نخلًا، والتَّأبير: التَّلقيح، وهو أن يُشَقَّ طلع الإناث، ويؤخَذَ


(١) في (ص) و (د ١): «أو».
(٢) «به»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>