الدَّمامينيُّ: وهذا الجواب إنَّما يتمشَّى على القول بأنَّ التحدِّي إنَّما وقع بالسُّورة الطَّويلة التي يظهر منها (١) قوَّة الكلام.
وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «ذكر المنافقين والكفَّار».
(٤)(بابُ قَولهِ) تعالى: (﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾) اللَّام لتأكيد النَّفي، والدَّلالةُ على أنَّ تعذيبهم عذابَ استئصالٍ والنبيُّ ﷺ بين أظهُرهم غيرُ مستقيم في الحكمة، خارجٌ عن عادته تعالى في قضائه، قال ابن عبَّاسٍ -فيما رواه عنه عليُّ بن أبي طلحة-: «ما كان الله ليعذِّب قومًا وأنبياؤهم بين أظهرهم حتَّى يُخرِجَهم»(﴿وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال: ٣٣]) في موضع الحال، ومعناه: نفي الاستغفار عنهم، أي: ولو كانوا ممَّن يؤمن ويستغفر من الكفر لَمَا عذَّبهم، ولكنَّهم لا يؤمنون ولا يستغفرون، أو: ما كان الله معذِّبهم وفيهم مَن يستغفر -وهم المسلمون- بين أظهرهم ممَّن تخلَّف من المستضعفين، أو مِن أولادهم مَن يستغفر، أو يريد إسلام بعضهم، أو استغفار الكفَّار؛ إذ كانوا يقولون بعد التَّلبية: غُفرانك، وفيه أنَّ الاستغفار أمانٌ من العذاب، وفي حديث فَضَالة بن عبيد الله عند الإمام أحمد مرفوعًا:«العبد آمنٌ من عذاب الله ما استغفر الله ﷿» وتأمَّلوا علوَّ مرتبة الاستغفار وعِظَم موقعه؛ كيف قُرِن حصوله مع وجود سيِّد العالمين في استدفاع البلاء، وعن ابن عبَّاسٍ ممَّا رواه ابن أبي حاتمٍ:«إنَّ الله تعالى جعل في هذه الأمَّة أمانَيْنِ، لا يزالون معصومين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم، فأمانٌ قبضه الله إليه، وأمانٌ بقي فيكم، ثم تلا الآية» وروى ابن جريرٍ: «أنَّهم لمَّا قالوا ما قالوا ثمَّ أمسَوا ندِموا، فقالوا: غُفرانك اللهمَّ، فأنزل الله: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾» وسقط لغير أبي ذرٍّ قوله: «باب قوله»، وثبت له.