للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويبول في كلِّ أربعين يومًا قطرةً، ولا تسقط له سِنٌّ (١)، وخُصَّ جُحْرُه بالذِّكر لشَّدة ضيقه، وهو كنايةٌ عن شدَّة الموافقة لهم في المعاصي لا في الكفر؛ أي: أنَّهم لاقتفائهم آثارَهم واتِّباعهم طرائقَهم لو دخلوا في مثل هذا الضِّيق لوافقوهم (قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ) المُتَّبَعُون (٢) الَّذين قبلنا هم (اليَهُودَُ) بالرَّفع والنَّصب (وَالنَّصَارَى؟ قَالَ) : (فَمَنْ) هم غير أولئك؟ «فمن» استفهامٌ إنكاريٌّ كالسَّابق، قال في «الفتح»: ولم أقف على تعيين القائل، ولا يُنافي هذا ما سبق من أنَّهم كفارس والرُّوم؛ لأنَّ الرُّوم نصارى، وفي الفرس كان يهود، مع أنَّ ذلك -كالشِّبر والذِّراع والطَّريق ودخول الجُحْر- على سبيل التَّمثيل، ويحتمل أن يكون الجواب اختلف بحسب المقام، فحيث قيل: «فارس والرُّوم» كان هناك قرينةٌ تتعلَّق بالحكم بين النَّاس وسياسة الرَّعيَّة، وحيث قيل: «اليهودُ والنَّصارى» كان هناك قرينةٌ تتعلَّق بأمور الدِّيانات أصولها وفروعها.

والحديث سبق في «ذكر بني إسرائيل» [خ¦٣٤٥٦].

(١٥) (بابُ إِثْمِ مَنْ دَعَا) النَّاس (إِلَى ضَلَالَةٍ) لحديث: «من دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقصُ ذلك من آثامهم شيئًا» أخرجه مسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ من حديث أبي هريرة (أَوْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً) لحديث: «ومن سنَّ في الإسلام سُنَّةً سيِّئةً كان عليه وزرُها ووزرُ من عمل بها، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا» رواه مسلمٌ من حديث جرير بن عبد الله البجليِّ (لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ … الآيَة [النحل: ٢٥]) في ﴿مِنْ﴾ وجهان: أحدهما أنَّها (٣) مزيدةٌ، وهو قول الأخفش؛ أي: وأوزار الَّذين، على معنى: ومثلُ أوزار؛ لقوله: «كان عليه وزرها ووزر من عمل بها» والثَّاني: أنَّها غير مزيدةٍ، وهي للتَّبعيض، أي: وبعضَ أوزار الَّذين، وقدَّر أبو البقاء مفعولًا حُذِف وهذه صفتُه، أي: وأوزارًا من أوزار،


(١) كذا في حياة الحيوان الكبرى للدميري (٢/ ١٠٧) وفي ثبوت ذلك نظر مطول.
(٢) في (د): «المتبُوعون».
(٣) في غير (ب) و (س): «أنَّ ﴿مِنْ﴾».

<<  <  ج: ص:  >  >>