(حَبِطَ عَمَلُهُ) بكسر الموحدة، أي: بطل؛ لأنَّه (قَتَلَ نَفْسَهُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ). قال سلمة:(فَجِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ) ولأبي ذرٍّ: «يا رسول الله»(فَدَاكَ) بفتح الفاء (أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ، فَقَالَ)ﷺ(كَذَبَ مَنْ قَالَها) أي: كلمة: حبط عملهُ (إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ) أجر الجهد في الطَّاعة، وأجر الجهاد في سبيلِ الله، واللام في «لأجرين» للتَّأكيد (اثْنَيْنِ) تأكيدٌ «لأجرين»(إِنَّهُ لَجَاهِدٌ) مرتكبٌ للمشقَّة في الخير (مُجَاهِدٌ) في سبيل الله ﷿(وَأَيُّ قَتْلٍ) بفتح القاف وسكون الفوقية (يَزِيدُهُ عَلَيْهِ) أي: يزيدُ الأجرَ على أجرهِ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ:«وأيُّ قتيلٍ» بكسر الفوقية وزيادةِ تحتيَّة ساكنة «يزيدُ عليه» بإسقاط الهاء من يزيده، وللأَصيليِّ:«وأيُّ قتيلٍ يزيدهُ».
وهذا الحديث حجَّةٌ للجمهور أنَّ من قتل نفسه لا يجبُ فيه شيءٌ؛ إذ لم ينقلْ أنَّه ﷺ أوجبَ في هذه القصَّةِ شيئًا. وقال الكِرْمانيُّ: والظَّاهر أنَّ قوله -أي: في التَّرجمة-: «فلا ديةَ له»، لا وجهَ له، وموضعُه اللَّائق به التَّرجمة السَّابقة، أي: إذا ماتَ في الزِّحام فلا دية له على المزاحمين؛ لظهور أنَّ قاتل نفسهِ لا ديةَ له، ولعلَّه من تصرُّفات النَّقلة عن نسخةِ الأصل.
وهذا الحديثُ هو التَّاسع عشر من ثلاثيات البخاريِّ، وسبقَ في «المغازي»[خ¦٤١٩٦] و «الأدب»[خ¦٦١٤٨] و «المظالم»[خ¦٢٤٧٧] و «الذَّبائح»[خ¦٥٤٩٧] و «الدَّعوات»(١)[خ¦٦٣٣١]، وأخرجه مسلمٌ وابن ماجه.