للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن مكِّيٍّ الصَّقلِّيُّ: كلُّ «فعيلٍ» وسطه حرف حلقٍ مكسورٍ يجوز كسر ما قبله في لغة تميمٍ، قال: وزعم اللَّيث أنَّ قومًا من العرب يقولون ذلك، وإن لم تكن عينه حرف حلقٍ، نحو: كِبيرٍ وجِليلٍ وكِريمٍ، أي: بيع الشَّعير بالشَّعير (رِبًا إِلَّا) مقولًا عنده من المتعاقدين (هَاءَ وَهَاءَ) أي: يقول كلُّ واحدٍ منهما للآخر: خُذْ، ويُؤخَذ منه أنَّ البُرَّ والشَّعير صنفان، وبه قال الشَّافعيُّ وأبو حنيفة وفقهاء المحدِّثين وغيرهم، وقال مالكٌ واللَّيث ومعظم علماء المدينة والشَّام وغيرهم (١) من المتقدِّمين: إنَّهما صنفٌ واحدٌ، واتَّفقوا على أنَّ الذُّرة صنفٌ، والأرزَّ صنفٌ، إلَّا اللَّيث بن سعدٍ وابن وهبٍ المالكيَّ، فقالا: إنَّ هذه الثَّلاثة صنفٌ واحدٌ، وبقيَّة مباحث الحديث تأتي -إن شاء الله تعالى- بعد تسعة عشر بابًا [خ¦٢١٧٠] حيث ذكره المؤلِّف، ولم يذكر في شيءٍ من هذه الأحاديث الحُكْرة المُترجم بها.

قال ابن حجرٍ: وكأنَّ المصنِّف استنبط ذلك من الأمر بنقل الطَّعام إلى الرِّحال، ومنع بيع الطَّعام قبل استيفائه، فلو كان الاحتكار حرامًا لم يأمر (٢) بما يؤول إليه، وكأنَّه لم يثبت عنده حديث معمر بن عبد الله مرفوعًا: «لا يحتكرإلَّا خاطئٌ» أخرجه مسلمٌ، لكنَّ مُجرَّد إيواء الطَّعام إلى الرِّحال لا يستلزم الاحتكار؛ لأنَّ الاحتكار الشَّرعيَّ إمساكُ الطَّعام عن البيع، وانتظار الغلاء مع الاستغناء عنه وحاجة النَّاس إليه، ويحتمل أن يكون البخاريُّ أراد بالتَّرجمة بيانَ تعريف الحُكْرة التي نُهِي عنها في غير هذا الحديث، وأنَّ المراد بها قدرٌ زائدٌ على ما يفسِّره أهل اللُّغة، فساق (٣) الأحاديث التي فيها تمكين النَّاس من شراء الطَّعام ونقله، ولو كان الاحتكار ممنوعًا لمُنِعوا من نقله، وقد ورد في ذمِّ الاحتكار أحاديث كحديث عمر مرفوعًا: «من احتكر على المسلمين طعامهم، ضَرَبه اللهُ بالجذام والإفلاس» أخرجه ابن ماجه بإسنادٍ حسنٍ، وعنده والحاكم بإسنادٍ ضعيفٍ عنه مرفوعًا: «الجالب مرزوقٌ، والمحتكر ملعونٌ».

(٥٥) (باب) حكم (بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ) أي: قبل قبضه، فـ «أن» مصدريَّةٌ (وَ) حكم (بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ).


(١) «وغيرهم»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٢) في (د): «يأمره».
(٣) في غير (س): «وسياق»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (٤/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>