للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥٤٧ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) أبو سعيدٍ (التُّسْتَرِيُّ) بالسِّين المهملة (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) عبد الله بن عبد الرَّحمن (عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ) أي: ابن أبي بكرٍ الصِّدِّيق (عَنْ عَائِشَةَ ) أنَّها (قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللهِ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾) قال الزَّمخشريُّ أي: أصل الكتاب، تُحمَل المشتبهات (١) عليها، قال الطِّيبيُّ: وذلك أنَّ العرب تُسمِّي كلَّ جامعٍ يكون مرجعًا لشيءٍ أُمًّا، قال القاضي البيضاويُّ: والقياس أمَّهات الكتاب، وأُفرِد على أنَّ الكلَّ بمنزلة آيةٍ واحدةٍ، أو على تأويل كلِّ واحدةٍ (﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾) عطف على ﴿آيَاتٌ﴾ و ﴿مُتَشَابِهَاتٌ﴾: نعتٌ لـ ﴿وَأُخَرُ﴾ وفي الحقيقة: ﴿وَأُخَرُ﴾: نعتٌ لمحذوفٍ؛ تقديره: وآياتٌ أُخَر متشابهاتٌ (﴿فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾) قال الرَّاغب: الزَّيغ: الميل عن الاستقامة إلى أحد الجانبين، ومنه: زاغت الشَّمس عن كبد السَّماء، وزاغ البصر والقلب (٢)، وقال بعضهم: الزَّيغ: أخصُّ من مطلق الميل؛ فإنَّ الزَّيغ لا يقال إلَّا لِمَا كان من حقٍّ إلى باطلٍ، والمراد: أهل البدع (﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ﴾) على ما يشتهونه (﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾) قال في «الكشَّاف» أي: لا يهتدي إلى تأويله الحقِّ الذي يجب أن يُحمَل عليه إلَّا الله، وتعقَّبه في «الانتصاف»: بأنَّه لا يجوز إطلاق الاهتداء على الله تعالى؛ لِما فيه من إيهام سبق جهلٍ وضلالٍ، تعالى الله وتقدَّس عن ذلك؛ لأنَّ «اهتدى» مطاوع «هدى»، ويُسمَّى من تجدَّد إسلامه مهتديًا، وانعقد الإجماع على امتناع إطلاق الألفاظ الموهمة عليه تعالى، قال: وأظنُّه سها؛ فنسب الاهتداء إلى الرَّاسخين في العلم، وغفل عن شمول ذلك الحقَّ (﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾) وفي مصحف ابن مسعودٍ: (ويقول الرَّاسخون في العلم آمنَّا به) بواوٍ قبل ﴿يَقُولُ﴾ وثبت ذلك من قراءة ابن عبَّاسٍ كما رواه عبد الرَّزَّاق بإسنادٍ صحيحٍ، وهو يدلُّ على أنَّ الواو للاستئناف، قال صاحب «المرشد»: لا إنكار لبقاء معنًى في القرآن استأثر الله تعالى بعلمه دون خلقه، فالوقف على ﴿إِلَّا اللهُ﴾ على هذا تامٌّ (٣)، ولا يكاد يوجد في التَّنزيل «أمَّا» وما بعدها رفعٌ إلا ويثنَّى ويثلَّث؛ كقوله تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ﴾ [الكهف: ٧٩] ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ﴾ [الكهف: ٨٠] ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ﴾


(١) في (د): «المتشابهات».
(٢) «والقلب»: ليس في (د).
(٣) في (م): «تمام».

<<  <  ج: ص:  >  >>